لا يتعامل رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع المهلة التي تفصلنا عن جلسة الحوار المقبلة في 5 ايلول على انها استراحة او فرصة لاستئناف النقاش من النقطة التي انتهت اليها ثلاثية الحوار بقدر ما يسعى لكي تكون مساحة زمنية كافية لتحفيز كل الاطراف على الانخراط في الحل الشامل قبل ان يدهمنا الوقت وتقترب اكثر من المحظور.
غداة انتهاء خلوة الحوار الاخيرة رفع من وتيرة تحذيراته من اضاعة الفرص والانحدار نحو الفراغ الكامل او ما هو اخطر من ذلك. لكنه لم يكتف بتوجيه الرسائل الى الجميع بل شرع في تكثيف اتصالاته ولقاءاته مع بعض الاطراف لترسيخ مسار بلورة «سلة الحل» التي تأكد منذ الشغور الرئاسي حتى الآن انه لا بديل عنها للخروج من الازمة.
وعلى طريقة «اضيفي الى صلاتك قليلا من القطران» يعمل رئيس المجلس، فالدعوات والصلاة والتصريحات غير كافية لانتخاب رئيس الجمهورية خصوصاً بعد ان اثبتت التجارب والوقائع ان التعاطي مع هذا الاستحقاق وحده لم يؤد الى نتيجة، وها نحن على باب الجلسة 44 لانتخاب الرئيس والحال على ما هو عليه.
وبعيدا عن الضوضاء يجري بري مشاورات جادّة تتركز على قانون الانتخابات باعتباره المفتاح الاساسي للحل خصوصاً ان البديل هو الذهاب الى الانتخابات على اساس قانون الستين الحالي الذي قد يؤدي الى انفلات الوضع ليس على مستوى غياب عمل المؤسسات فحسب بل ايضا على صعيد الشارع.
وكما نقل عنه الوزير الياس بوصعب في دردشة خارج اطار التصريح الرسمي، فان بري يؤكد بصورة قاطعة وحاسمة ان خيار التمديد للمجلس غير وارد في كل الاحوال وانه لن يسمح ابداً بسلوك هذا المسار.
وتقول المعلومات ان من بين المواضيع التي بحثها مع الوزير جبران باسيل هو موضوع بلورة مقاربة جدية لتعزيز فرص الاتفاق على قانون جديد للانتخابات تكون النسبية عموده الفقري ويراعي في الوقت نفسه التأهيل الطائفي او المذهبي مع التأكيد دائما على الناطقة بين المسلمين والمسيحيين.
ويوازي هذه البحث ايضا بلورة آيلة الدخول اكثر في موضوع مجلس الشيوخ الذي طرح على طاولة الحوار، وحظي بموافقة مبدئية على مناقشته من باب تسهيل الاتفاق على قانون الانتخابات من جهة وتطبيق دستور الطائف الذي نص عليه من جهة اخرى بما في ذلك طمأنة الطوائف والمذاهب.
والجدير بالذكر ان بري كان اعتمد على نص المادة 22 من الدستور لطرح هذه الفكرة، مؤكدا على ربط بين قانون وطني لقانون الانتخاب مع مسألة مجلس الشيوخ في محاولة ايضاً لتوفير التوافق على هذا الاقتراح، وكاد في اليوم الاول ان يضمن الاجماع على طاولة الحوار، غير ان رئيس حزب الكتائب سامي الجميل حمل في اليوم الثاني موقفا متشدداً برفض البحث في أي اصلاحات قبل انتخاب الرئيس.
ووفقا للمعلومات فان المداولات في قانون الانتخابات تجري على قدموساق مع اطراف اخرى ولا تقتصر على الرئيس بري والتيار الوطني الحر، بل تشمل ايضا «المستقبل» وحزب الله واطرافاً اخرى.
كما عدّ الرئيس بري مراراً وتكراراً فان سلّة الحل تأخذ بعين الاعتبار ان التنفيذ يبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية. لذلك فان الكلام عن تقديم الاصلاحات قانون الانتخابات على الرئاسة هو في غير محلّه، مع العلم انه لم ينقطع عن متابعة الجهود لتوفير فرصة الاتفاق على الاستحقاق الرئاسي آملا في انتخاب الرئيس قبل نهاية العام.
اما اسباب القناعة بضرورة الاتفاق على السلة فقد شرحها رئيس المجلس للمتحاورين بإسهاب، ورددها قبل وبعد ثلاثية الحوار.
وتكفي الاشارة الى ان الاتفاق عليها سيساعد رئيس الجمهورية على الانطلاق بعهده بمرونة ومن دون ازمات خصوصا لجهة تجاوز الاختبار الاصعب وهو قانون الانتخابات النيابية، وتشكيل الحكومة الجديدة لكي لا نغرق في ازمة التشكيل كما حصل سابقاً.