لا تزال المناسبات الإجتماعية هي السبب الوحيد الذي تجتمع حوله بين الحين والآخر، مكونات الفريق السياسي الذي كان يعُرف بـ"14 آذار". مجرد لقاء حلفاء الأمس، لا يعني أبداً عودة تحالفهم، فالطروحات باتت متباعدة فيما بينهم، إلا في ما يتعلق بسلاح حزب الله. نعم، الطروحات متباعدة بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية وحزب الوطنيين الأحرار والنواب المستقلين، أكان بالنسبة الى ملفّ رئاسة الجمهورية وإسم الرئيس، أم بالنسبة الى قانون الإنتخاب وسلة الحل المتكاملة، وصولاً الى مقاربة الملفّات التي خنقت اللبنانيين بروائح فسادها كقضية النفايات والإنترنت غير الشرعي ومناقصات وزارة الداخلية كالميكانيك وجوازات السفر وغيرها.
المفارقة تكمن في إتفاق هذه المكونات الآذارية المتباعدة عن بعضها البعض على أمر واحد: تحميل مسؤولية ما وصلت اليه قوى "14 آذار" لرئيس التيار الأزرق سعد الحريري.
وفي هذا السياق، لا يتردد أكثر من نائب أو وزير آذاري في الحديث عن الإعتراف بما يدور في الكواليس لناحية تحميل الحريري مسؤولية تفكك التحالف.
وفي هذا السياق يروي وزير آذاري حالي، أن عودة الحريري الى لبنان في شباط الفائت، أضرّت بلبنان وتحديداً بفريق 14 أذار أكثر مما أفادته.
فالعودة التي عوّل عليها الكثيرون، بأنها ستخرق جدار الأزمات الرئاسية والنيابية والمالية والأمنية، إفتتحت بعد أيام قليلة على وصول طائرته الخاصة الى مطار بيروت الدولي، بإلغاء المملكة العربية السعودية هبتها المقدمة الى الجيش اللبناني والأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة، الأمر الذي أغرق الحريري في حرب سجالات كلاميّة وسياسيّة من العيار الثقيل، نتيجة تهديده الحكومة اللبنانية إذا لم تعتذر من المملكة العربية السعودية.
من الهبة السعوديّة الى داخل التيار الأزرق، ينتقل نائب مستقبلي ليشرح التداعيات السلبيّة لعودة الحريري الى لبنان، وفي هذا السياق، يذكّر النائب المذكور بأن إستقالة الوزير أشرف ريفي من الحكومة حصلت بعد أسبوع فقط على عودة الحريري الى لبنان، كل ذلك لأن وزراء التيّار داخل الحكومة تخلوا عن ريفي في معركة إحالة ملفّ الوزير السابق ميشال سماحه على المجلس العدلي، وبطلب من الحريري. ومنذ ذلك اليوم بدأت السجالات الكلاميّة بين الحريري ووزيره المتمرّد وبدأت تداعياتها التصدعيّة تظهر شيئاً فشيئاً داخل البيت المستقبلي.
أما مسيحيو 14 آذار، فلديهم مقاربتهم الخاصة في تحميل الحريري مسؤولية ما حصل بالتحالف. إنه ترشيح رئيس تيّار المردة النائب سليمان فرنجية الى الرئاسة الذي كسر ظهر هذه القوى. ومن هذا الترشيح، تعتبر شخصية مسيحية أن "الخسارة الأكبر التي جلبها الحريري لنا، تمثّلت بمحاولة تأمينه النصاب في جلستي الثاني من آذار الفائت والثالث والعشرين منه، المخصّصتين لإنتخاب رئيس للجمهورية. جلستان حضرهما الحريري وسط أكبر تعبئة نيابيّة أعلنها من بيت الوسط لتأمين النصاب، فكانت صدمته الأولى المحرجة أن مرشّحه النائب فرنجية لم ينزل الى مجلس النواب، امّا الثانية فكانت بعدم تأمين النصاب في الجلستين، الأمر الذي فرمل إندفاعة الحريري النيابية".
أما بالنسبة الى ملفات الفساد، فهناك في 14 آذار من يقولها وبصراحة: "بدل أن يركب الحريري موجة مكافحة الفساد وفتح ملفات الهدر التي عصفت بلبنان، برز إسم تيّاره بقوّة في ملفّ النفايات عبر دعم المقاول جهاد العرب، وأيضاً في مسألة تأمين التغطية السياسيّة اللازمة لمدير عام أوجيرو عبد المنعم يوسف، إضافة الى التغطية اللازمة للمقاول هشام عيتاني الذي فاز في جميع مناقصات وزارة الداخلية".
هذه الإتّهامات الآذارية لسعد الحريري، يعتمد أصحابها على نتائج الإنتخابات البلديّة لتأكيدها، ويقولون، "إذا لم يعد الحريري الى رشده السياسي وإذا لم يعمل على إعادة ترتيب البيت الآذاري، فلن تكون نتائج الإنتخابات النيابية مختلفة عن نتائج البلديات".