أحيانا لا يعرف اللبناني ما اذا كان يجب ان يشكر الله، أو ان يلعن حظه، لأن بلده ليس دولة متقدّمة أو عظمى، ففي حال الحسنات يتمنى ان يكون دولة عظمى لكن في حال السيئات، فإنه يتمنى ان يكون دولة صغيرة بعيدة عن هموم الكرة الأرضية.
في الحال التي يمر فيها العالم هذه الأيام، فإن اللبناني يتمنى ان يكون بمنأى عما هو حاصلٌ في العالم، سواء على مستوى الحروب والارهاب أو على المستوى المصرفي حيث الهزات تتوالى.
السؤال هنا: ماذا يجري في بعض مصارف العالم؟
دراسة حديثة أجراها مركز ZEW الألماني المتخصص في الأبحاث الاقتصادية والذي يديره أكثر من 190 باحثا عالميا، كشفت هذه الدراسة ان مصرف دويتشه بنك، أكبر بنوك المانيا، يعاني نسبة عجز في رأس المال هي الأعلى بين البنوك الأوروبية الأخرى التي شملتها الدراسة، والبالغ عددها 51 بنكا.
في الدراسة عينها أطلق العديد من الخبراء الاقتصاديين في المانيا تحذيرات من ان البنوك الألمانية ربما تتجه الى حافة الانهيار، وان الوسيلة الوحيدة لتحصينها ضد الأزمات المستقبلية تكون عن طريق تأميمها، حيث قال الخبير الاقتصادي مارتن هيلويغ ان اختبارات الضغط الأخيرة توضح بشكل جلي ان البنوك الألمانية لا سيما دويتشه بنك ستكون في وضع في غاية الخطورة في حال حدوث أزمة في الأسواق، وذلك لأنها تعاني عجزا في رأس المال.
بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وبعد المعاناة العالمية التي تعيشها المانيا من جراء تدفق النازحين السوريين اليها، وبعد الضربات المتلاحقة التي تلقتها الدول الاوروبية من الارهاب، فإن السؤال يطرح نفسه هو: أوروبا الى أين؟ السؤال مشروع في ظل كلفة الحروب المتلاحقة.
وما ينطبق على اوروبا ينطبق على دول المنطقة: ها هي تركيا تخسر مئة مليار دولار من جراء الانقلاب الذي ضربها والذي لم ينجح في تحقيق اهدافه... ها هي سوريا تحتاج معظم المناطق فيها الى اعادة الإعمار.
أما لبنان فهو بلدٌ منسي، وما ضاعف من نسيانه ان المسؤولين فيه دخلوا بدورهم في دوائر النسيان:
كل الانشغال في لبنان هذه الايام، ان على ارضه نازحين سوريين، ولو لم يكن هناك نازحون لما تلفَّت أحدٌ اليه، فالفراغ الرئاسي لا يعني أحدا من الدول، كل ما يعنيهم هو عقدة النازحين.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، كل المؤتمرات والندوات التي تُعقد والتي يُدعى اليها لبنان ترتبط بكيفية هذا النوع من المساعدات، وببعض المساعدات للبنانيين لأنهم يتحملون العبء.
في مطلع هذه السنة انعقد مؤتمر في لندن لبحث مساعدة الدول المجاورة لسوريا والتي تتحمل اعباء النازحين أي لبنان والأردن والعراق، وطلب من كل دولة ان تجهز ملفاتها لتحصل على المساعدات والقروض التي تكاد ان تخلو من الفوائد.
بعد ستة أشهر، استفاد الاردن من هذه القروض، فيما لبنان أصبح خارج الدائرة لأنه لم يُجهّز ملفاته.
بماذا يتلهى لبنان؟ بالعمولات التي تدرُّها المناقصات وليس بالمناقصات التي تُجهز البنى التحتية، وأسطع دليل على ذلك فضيحة جديدة اسمها تلزيم بالتراضي لتنظيف وتأهيل الاقنية لتستطيع تصريف مياه الامطار لئلا نشهد كارثة فيضانات كالتي حدثت الشتاء الماضي.
حضرات القيمين الكرام، نحن مقبلون على كارثة عند أول شتوة، فلتتجرأ الحكومة وتوقف المناقصات بالتراضي لفتح المصافي.
عيب، بلاد مهتمة بشؤون الكرة الارضية وبلدنا مهتم بفتح الاقنية بالتراضي.