تستعيد مدينة صور، ام المدن التاريخية لدى "الفينيقيين" وسيّدة البحار ومركز العالم التجاري لعدة قرون، مجدها السياحي والاقتصادي المرموق تاريخيا... حركة سياحية نشطة على مدار الاسبوع، حجوزات مرتفعة تجعلها من المدن التي لا تنام، في ظل الاستقرار والنمو الاقتصادي والعمراني الكثيف والهجرة المعاكسة التي يشهدها جنوب لبنان.
تعتبر المدينة ملاذا سياحيا واصطيافيا مهما لا سيما شاطئها الشهير، كما تمثل مقصدا للراحة والاستجمام من خلال فنادقها ومطاعمها ومقاهيها المنتشرة على الكورنيش البحري وفي وسطها. وقد تحسن النشاط السياحي في صور بعد عدوان تموز 2006 وعودة المغتربين والمتمولين في افريقيا وفتح استثمارات قوية فيها، مما سرّع العجلة الاقتصادية السياحية والانمائية في صور.
آلاف الزوّار
يشير نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي الى "نعمة الامن" كعامل اساسي في نجاح الموسم السياحي في صور، منوّها في السياق بتعاون القوى الامنية من قوى امن وجيش، ويوضح ان المدينة تتميز بموقعها الجغرافي وهي شبه جزيرة يحدّها البحر من 3 جهات، وهي أم القرى التي تحيطها ويتدفق عليها عدد كبير من المغتربين، لافتاً إلى ان الأعداد هذا العام كانت كبيرة وغير مسبوقة.
وفي حديث لـ"النشرة"، يثني صبراوي على مهرجانات صور، التي ترعاها رندى بري، والتي عادت هذا العام بعد توقف دام ستّ سنوات، مشيراً إلى أنّه كان لها دورٌ بارز في إعادة الكثير من الناس، كما يلفت كذلك إلى حدث ازاحة الستارة عن تمثال للسيدة العذراء الأسبوع الماضي لمناسبة "عيد انتقالها" اقامه مدير عام ادارة حصر التبغ والتنباك نصيف سقلاوي في منطقة الميناء في صور، ممّا استقطب عددا كبيرا من السياح ايضا.
ويلفت نائب رئيس البلدية الى ان الفنادق الرئيسية في المدينة يصل مجموع الغرف فيها بين 250 الى 300 غرفة، مع العلم انه لا يوجد أماكن شاغرة قبل منتصف ايلول المقبل، كما يشير الى أن بولفار رئيس المجلس النيابي نبيه بري البحري ينتشر عليه اكثر من 22 مطعما ومقهى، وفي نهاية الاسبوع ليلة السبت تحديدا تقام الانشطة ويقفل البولفار بشكل موقّت ليتحول الى مقصدٍ للمشاة، كاشفاً انه في ليلة السبت وحدها هناك اكثر من 17 الف زائر للمدينة، عدا عن الحفلات الغنائية والانشطة الترفيهية الاخرى.
ويشدّد صبرواي على اهميّة شاطئ صور الذي يجذب السياح، والبلدية تقوم بإجراءات سنوية لتأمين المواقف والحراسة والأمن، بالاضافة الى منقذين بحريين لحماية الناس، لافتا في السياق الى وجود 49 خيمة بحرية على الشاطئ بالاضافة الى المساحة الكبيرة الى جانب الخيم للعائلات، مع تأكيده ان شاطئ صور هو شاطئ مجاني للجميع.
ويأمل صبراوي بتطوير السياحة في المدينة لتتحوّل الى نقطة استقطاب عربية واجنبية.
حجوزات مرتفعة
ما يقوله نائب رئيس البلدية عن السياحة في صور يؤكّده المعنيّون على الأرض، حيث يلفت مدير عام أوتيل "بلازو" مروان حديد إلى أنّ نسبة الحجوزات كانت مرتفعة جداً هذا الصيف، وقد لامست المئة بالمئة، مشيراً في هذا السياق إلى الدعاية القوية التي يتمتع بها شاطئ صور كأنظف شاطئ في لبنان، وهذا الموضوع اعطى دافعا كبيرا للسياح الذين يأتون من بيروت والمناطق، كما ان هناك عدداً كبيرًا من المغتربين الذين يعودون الى لبنان في اجازة فصل الصيف، موضحا في السياق ان دور اليونيفيل في السياحة لم يعد كما في السابق.
ويتوقع حديد، في حديث لـ"النشرة"، أن يكون الموسم الشتوي هذا العام كذلك قوياً، كاشفاً أنّ كثيرين اجلوا زياراتهم للمدينة الى اواخر هذا الصيف واول الشتاء نظرا لعدم وجود حجوزات وغرف شاغرة في المدينة.
وإذ يلفت إلى وجود العديد من الفنادق الجديدة في صور، بينها أربعة في الحارة القديمة، يتمنى ان تبقى البلدية مهتمة بالسياح، وتروّج دائما لصور بطريقة ذكيّة وقويّة عبر المهرجانات وغيرها من الامور التي تحرك العجلة الاقتصادية.
هجرة معاكسة
من جهته، يؤكد مدير مطعم "Donvito" محمد مازح أنّ الموسم السياحي هذا العام جيد جداً، منوّهاً بتعامل البلدية والعيش المشترك في المدينة، ومثنياً كذلك الأمر على عمل الاجهزة الامنية التي تعمل لحماية الموسم السياحي وتثبيت الامن والاستقرار.
وفي حديث لـ"النشرة"، يلفت مازح إلى ما يسمّيها بـ"هجرته المعاكسة"، حيث أنّه، وبعكس معظم المستثمرين، الذين يذهبون إلى العاصمة، هجر بيروت إلى صور، حيث فتح استثمارا نظرا للامن والامان في المدينة ونظرا لانها منطقة سياحية، ويطالب مازح بإهتمام اكبر من وزارة السياحة والسلطات المعنية لتنمية "السياحة المائية"، ولاستقطاب العامل الاجنبي اكثر لان السياحة هي سياحة محلية اجمالا، معتبرا ان "انطباع الزوار" هو الدعاية الابرز للمدينة، وعلى المؤسسات الرسمية تفعيل الدعاية للمدينة اسوة بباقي المدن.
ويبقى الأمل بأن يدوم الاستقرار والامان لتبقى صور قبلة الجنوبيين والسياح، حيث تمثل المتنفس لهم، بعيدا عن هموم السياسة وغيرها من المشاكل التي يعاني منها لبنان، وعلى امل ان تلاقي وزارة السياحة والجهات المعنية صرخة اهالي صور لتكون ضمن الخطة والخارطة السياحية، لتتحول من مدينة سياحية داخلية الى مدينة تستقبل الزوار العرب والاجانب من كافة ارجاء العالم.