رفع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في مقابلته يوم أمس على قناة المنار مستوى الصراع مع تيار "المستقبل" بعد أن كان في خطاب سابق قد حاول تليين العلاقة وتقليص الهوة بين الفريقين. فاعتبر نصرالله في كلامه أن "لدى جبهة "النصرة" حلفاء في الحكومة"، كاشفاً بأن "رئيس كتلة "المستقبل" النائب فؤاد السنيورة قد تآمر على المقاومة خلال حرب تموز وحاول مصادرة صواريخ الحزب".
يتزامن كلام نصرالله مع هجوم فتحه وزير الداخلية نهاد المشنوق على "سرايا المقاومة" التابعة لحزب الله والتي وصفها بأنها من أسباب الفتنة في لبنان، ليتأكد بأن العلاقة بين الحزب والتيار الأزرق عادت إلى ركودها وجفائها.
كما كان لخطاب نصرالله رسائل عديدة في عدة اتجاهات سياسية وأمنية وعسكرية، خصوصاً بعد أن لمّح بأن الجيش قادر على حماية الحدود من الخطر الارهابي "الا انه لا يملك القرار السياسي لذلك". اذا ما هي الابعاد التي حملها خطاب نصرالله؟ وما الرسائل التي حاول ايصالها؟
يرى الكاتب والصحافي غالب قنديل، في حديث مع "النشرة"، أن "كلام نصرالله لن يؤثر على الحوار بين الحزب والمستقبل، وهو مستمرّ لأنّ قيادة الحزب لا تريد أن ترفع السيء بالأسوأ"، لافتاً إلى أنّ "هذا الحوار يحاصر الفتنة ويمنعها". ويعتبر قنديل أنّ "نصرالله حاول بخطاب أمس أن يحثّ الشعب اللبناني على الوعي والنظر بعين الناقد الى الأحداث اللبنانية وعلى ما يجري في المنطقة".
بالمقابل، يعتبر عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار الصحافي نوفل ضو أنّ "نصرالله وضع نفسه في فخّ عبر تأكيده أن الجيش قادر على حماية الحدود الشرقية من الخطر الارهابي الا أنه بحاجة لقرار سياسي"، لافتاً إلى أن "هذا القرار يتطلب تسليم الحزب لسلاحه وبالتالي اذا سلّم بأن الجيش قادر على حماية الحدود"، ويسأل: "لماذا لا يسلم سلاحه؟"
وعن الهجوم على تيار المستقبل والسنيورة، يوضح ضو أن "نصرالله حاول في خطابه الأخير في بنت جبيل أن ينصّب نفسه مرشداً أعلى للجمهورية اللبنانية مثل المرشد الأعلى في ايران السيد على الخامنئي، "لكن حينما وقف المستقبل بوجهه وتمسك بالدستور والديمقراطية ورفض هيمنة الحزب على قرارات لبنان، قرر نصرالله أن يشن هجوماً على المستقبل".
ويؤكد ضو أن "الطبقة السياسية التي انتقدها نصرالله هي حليفته"، وسأل: "حينما انتقدها هل كان يقصد وزير الخارجية جبران باسيل أو رئيس مجلس النواب نبيه بري؟ من يهاجم بالتحديد؟"، لافتاً إلى أن "نصرالله يحاول أن يحارب الفساد وهو جزء منه".
من جهته، يلفت قنديل إلى أن "ما قاله نصرالله عن السنيورة هي وقائع وجزء من معلومات لم ينشرها السيد بعد لمنع الفتنة، لكن المؤكد أن السنيورة كان جزءًا من مجموعة سياسية كانت في الحكومة حاولت أن تتآمر على المقاومة وحاولت التسليم لاسرائيل واميركا"، وتساءل قنديل: "من يتحمل مسؤولية دماء الشهداء الذين سقطوا في آخر 5 أيام في لبنان؟ اليس السنيورة الذي عمل على اطالة أمد هذه الحرب رغم اصرار الاسرائيلي على ايقافها؟"، معرباً عن أسفه "لعدم وجود لجنة تحقيق في لبنان لاظهار المتآمر على المقاومة خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان".
ويرى قنديل وجود "انفصام سياسي لدى البعض لأن الطبقة السياسية الموجودة تحترف الدجل، فمرة بنظرهم الجيش قادر على حماية الحدود ومرة أخرى ترى أنه غير قادر". ويضيف قنديل: "المقاومة تدير تعاملها مع الداخل اللبناني بحكمة عالية وتتعالى عن سهام الداخل بمقدار ما تتمتع به من شجاعة وقوة في مواجهة اسرائيل والارهابيين، لذا على الافرقاء الآخرين الارتقاء إلى مستوى الحزب في التعامل مع الشركاء في الوطن".
عادت جبهة حزب الله-المستقبل إلى الواجهة من جديد، بعد أن ظن الجميع بأن الحلول في لبنان بدأت تتبلور. وكان كلام نصرالله بالأمس مفصلاً جديداً في طبيعة العلاقة بين الجانبين والتي سترسم صورة الحياة السياسية في لبنان.