فتح قرار نقل المدير العام لوكالة "الأونروا" في لبنان ماتياس شمالي إلى سوريا، لتسلم مهامه ابتداءً من منتصف أيلول المقبل، التفسيرات على مشاربها.
وجرى تعيين حكم شهوان مديراً عاماً جديداً بالإنابة، إلى حين تعيين مدير أصيل في شهر كانون الثاني 2017.
ومرد هذه التفسيرات إلى أن كل طرف يسعى إلى توظيف هذا القرار بأنه انتصار لمصلحته:
- "خلية أزمة الأونروا" المنبثقة عن الفصائل والقوى الفلسطينية، تعتبر أن ما جرى هو تتويج لتحركها، مطالبة بتحسين الوضع التعليمي والاستشفائي والطبي والانمائي للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وأيضاً من اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من سوريا إلى لبنان، ورفعها شعار: "ليرحل شمالي".
- شمالي، يرى نفسه أنه نجح في تنفيذ سياسة "الأونروا" التقشفية في لبنان، وتعيينه مديراً عاماً للوكالة الدولية في سوريا، مكافأة له.
بين اعتبار كل من الطرفين بأننه منتصر، ما هي حقيقة الأمر، وكيف يتوقع أن تكون المرحلة المقبلة؟!
من حق كل فريق أن ينسب ما يشاء إلى نفسه، أو إطاره وإطلاق التوصيفات، وقطف ثمار الحراك، لكن، بين رفع شعار "رحيل شمالي" واليوم، تغير الكثير!
فمن كان مطالباً برحيله، وممنوعاً من دخول المخيمات ومكاتب ومراكز "الأونروا" الرئيسي وفي المناطق، أصبح يلتقي ليس فقط القيادات في الفصائل والقوى، بل في اللجان والجمعيات.
ومن اعتصم في خيم الاعتصام ونام فيها، تاركاً أفراد عائلته، هل حققت له "خلية الأزمة" المطالب التي رفعت؟! أو أن تسويات ما جرت، من توظيفات لمدراء في مناطق أو مخيمات أو مدارس قد غنمها البعض؟
من المهم أن تكون هناك إنجازات تحققت لأبناء الشعب الفلسطيني على الأصعدة التعليمية والطبية والاستشفائية والاجتماعية إلى حين عودتهم إلى ديارهم وفقاً للقرار الدولي 194.
وأيضاً أن يبقى الإجماع الفلسطيني في إدارة الأزمات، لا أن تودي أية قضية إلى خلافات، ومنها مع مغادرة شمالي، وتوصيف هذه المغادرة.
فشمالي "الضابط الألماني" استطاع بدهائه تنفيذ سياسة الوكالة الدولية، وقرار نقله إلى دمشق بشغل ذات المنصب الذي كان يشغله في لبنان، لا يعتبر انتقاصاً من مكانته، بل نقل إلى ساحة ينطبق عليها توصيف حالة "طوارئ"، وإمكانيات العمل فيها أكبر بكثير من الساحة اللبنانية، سواء باستمرار الأزمة السورية أو ما يلي ذلك من إعادة اعمار واغاثة للاجئين الفلسطينيين في سوريا، فضلاً عن أن الراتب أضعافاً مضاعفة وكذلك الموازنة.
كما أن تعيين شهوان مديراً عاماً لـ"الأونروا" في لبنان بالإنابة، يعتبر مكسباً فلسطينياً، فهو من فلسطينيي القدس المحتلة، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تعيين فلسطيني مديراً عاماً للوكالة الدولية في لبنان، لكن فترة انتدابه محددة بحوالى 4 أشهر إلى حين تعيين مدير أصيل.
ما يهم اللاجئ الفلسطيني هو ما يقدمه المدير العام من خدمات، وهل باستطاعته رفع الظلم الذي لحق به خلال فترة شمالي، وماذا يمكن أن يحقق لأبناء شعبه؟
ومع قرار نقل شمالي وجه رسالة إلى زملائه في مكتب "الأونروا" في لبنان، مما جاء فيه:
"لم يكن هذا القرار قراراً سهلاً لأنّ منصبي الحالي كان مجزياً إلى أبعد مدى، إن لم يكن المنصب الأكثر إجزاءً في حياتي المهنية، وبالرغم من التحديات الجمّة التي واجهناها سوياً، لا يسعني إلا أن أقول إنّ العمل مع موظّفين كفوئين ومتفانين والحرص على تقديم خدمات الأونروا الضرورية إلى مجموعة من الأشخاص المهملين والمستضعفين شكّل امتيازاً بالنسبة إلي.
يدرك المفوض العام خير إدراك أنّ هذا الانتقال يشكّل تحدّيًا كبيرًا وغير متوقّع لعملنا هنا في لبنان، وقد طلب مني أن أنقل إليكم أنّه ونائبه سيخصصانم الوقت والاهتمام اللازمين للبحث عن مدير جديد.
وآخذين بعين الاعتبار المخاوف بشأن تأمين أفضل استمرارية ممكنة في إقليم لبنان، توصّلنا إلى ترتيبات مؤقتة أقوم على أساسها بالإشراف على العمليات في إقليمي لبنان وسوريا على مرّ أربعة أو ستة أسابيع ابتداء من 15 أيلول، إلى جانب ذلك، أطلقنا عددًا من المبادرات المهمّة التي تهدف إلى تحسين نوعية واستدامة العمل الذي نقوم به في لبنان، وأنا شخصياً سأقوم بكل ما بوسعي لأحرص على استمرار ذلك وعلى أن تكون المرحلة الانتقالية سلسة إلى أقصى الحدود.
في هذه الأثناء، قرّر المفوض العام تعيين حكم شهوان مديراً للأونروا في لبنان بالإنابة، لحين انتهاء عملية التوظيف. وكما ذكرت سابقاً، أنا مستعدّ لتقديم الإرشادات الاستراتيجية المطلوبة إن للمدير حكم أو لمكتب لبنان ككل في حين أن اتخاذ القرارات اليومية سيبقى بيد المدير بالإنابة وفريق العمل في لبنان.
وفي حين أنّ الوقت لم يحن بعد للوداع، أودّ أن أعبّر عن امتناني لكلّ ما تعلّمته هنا وللتعاون الكبير الذي يجمعني بعدد كبير منكم. أنا أتطلّع إلى أن نستغلّ ما تبقى من الوقت للعمل معا".
واحتفاء بقرار نقل شمالي من لبنان، عمت الاحتفالات المخيمات الفلسطينية، حيث جرى توزيع الحلوى والمرطبات في مخيم عين الحلوة على المارة.