على خلفية تمديد وزير الدفاع سمير مقبل للمجلس العسكري، تمرّ الحكومة اليوم امام اختبار جديد بعد اعلان رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجيّة جبران باسيل بعد اجتماع "التغيير والإصلاح" النيابي مقاطعة وزراء "التيار" جلسة الحكومة إحتجاجا على الأداء الحكومي، وقد بدأ النقاش حول ميثاقية الحكومة من دون مشاركة التيار بالجلسات، كما تكثفت الاتصالات على اكثر من صعيد لترتيب الامور قبل جلسة الحكومة غدا.
الانظار تتجه اليوم إلى نتائج الاتصالات والمواقف التي ستصدر حول انعقاد مجلس الوزراء، والسؤال هو، الى اين ستذهب الامور في ظل وضع اقليمي اصبح اكثر تعقيدا دون معالم واضحة وسط تغيرات كبيرة لا سيما تطورات المواقف التركية من الازمة السورية؟
الامور مفتوحة حاليا على اكثر من سيناريو، إلا أنّها ستزداد تعقيدا بعد التمديد شبه الحتمي لقائد الجيش جان قهوجي.
هل يعطي التحذير مفعوله؟
المحلل السياسي خليل فليحان يشير الى انه حتى الساعة رئيس الحكومة تمام سلام عازم على عقد جلسة مجلس الوزراء غدا بغض النظر عن موقف التيار الوطني الحر منها، داعيا في السياق الى انتظار موقف جديد للتيار على لسان باسيل لمعرفة التوجهات التي سيسير بها، ويعتبر فليحان انه حان الوقت ليتحمّل الجميع مسؤولياتهم والبدء بتنفيذ خطة لاعادة انتظام المؤسسات. واذ يوضح ان موقف القوات من موضوع التمديد لقهوجي يختلف عن التيار اذا لم يتيسر اختيار قائد جديد للجيش، يؤكد ان المهم الان والمطلوب من جميع الزعماء السياسيين وقف التصعيد لان البلد لا يتحمله من اي جهة كانت.
بالمقابل، يرى المحلل السياسي ادمون صعب انه بمجرد استعمال كلمة "تحذير" من قبل باسيل يعني انه لا يوجد قرار للذهاب الى النهاية في موضوع فرط الحكومة، لان التيار يعرف ان الوضع لا يتحمل استقالتها ولا حتى تصريف الاعمال نظرا لتطورات الاوضاع على الحدود السورية-التركية والاحداث السورية، ما يجعلنا مراقبين ومتوجسين من الاحداث، ويعرب عن اعتقاده بان التيار يحكّم عقله في الموضوع وهو لا يريد الظهور على انه حزب طائفة ويمثل المسيحيين او الموارنة، مشيرا الى ان المطلب الاساسي هو المشاركة في اتخاذ القرارات، ويرى ان النزول الى الشارع بالنسبة للتيار سيكون تحت شعار المشاركة لأنّ الوضع لا يحتمل اكثر من ذلك، ويعتبر صعب ان الوطني الحر لا يملك خططا لسيناريو الغد لانه مكتفٍ حتى الان بالتحذير، وهو متفائل ان التحذير سيعطي مفعوله.
التصعيد يقابله تصعيد
يلفت فليحان الى ان التصعيد من قبل التيار الوطني سيلاقي تصعيدا مضادا قد يولد تعطيلا لجميع المؤسسات، والسؤال هنا، "هل يريد الوطني الحر تعطيل الحكومة؟" ويرى ان الاجدى به انهاء الاستحقاق الرئاسي لانه سهل وليس كما يتم تصويره للجميع، مستدلا بذلك بما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن لا انتخاب لرئيس الجمهورية الا بالموافقة على "السلّة الكاملة" وما تتضمنه من مطالبة بقانون انتخاب ومجلس شيوخ ولا مركزية ادارية، وان القرار الاقليمي لا يمكن ان يؤدي لانتخاب الرئيس الا بإقرار هذه السلّة، ما يعني، بحسب فليحان، ان "تعثر انتخاب رئيس للبلاد هو لبناني وليس كله في سوريا او اليمن، وهذا التسويف والتبرير والمزيد من التأخير لانتخاب الرئيس يضر بصورة البلد ووحدته، وسيحوله الى بلد لا نموذجي في ظل التأخير المتمادي لانتخاب رأس البلاد".
وحول موضوع الميثاقية لانعقاد جلسات الحكومة من دون وزراء التيار الوطني الحر، يلفت الى ان مفهوم الميثاقية يحمل عدة اوجه، "واذا اخذنا موضوع التمثيل البرلماني فإن باسيل على حقّ اذا اردنا حصر الميثاقية بمعنى التمثيل النيابي كون التكتل اكبر كتلة مسيحيّة، لكن بالمقابل فإن رئيس الحكومة ردّ على باسيل واكد ميثاقيّة الجلسات لان هناك مسيحيين ممثلين في الحكومة غير التيار الوطني الحر".
بالمقابل، يعتبر صعب ان التيار الوطني هو الغطاء المسيحي الاساسي للحكومة، ولدى خروجه لن يعود هناك غطاء مسيحي لها، لان التيار كافل الحكومة مسيحيا بعد انسحاب الكتائب وعدم تمثيل القوات فيها، ويلفت صعب الى وجود مناورة لتيار المستقبل بالتهديد بالاستقالة المضادة لاستقالة وزراء الوطني الحر، وهناك تهديد بحافة الهاوية، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري يمكن ان يصل بالنهاية الى حل للمحافظة على استمرارية عمل الحكومة.
ويشير صعب الى ان الشارع العوني من يضغط على الوطني الحر للتصعيد، لان الشارع المسيحي يرفض اقصاءه وعدم الأخذ برأيه، والنزول الى الشارع هو بضغط من الجمهور الذي يطالب برفع وتيرة الاحتجاج على عدم وجود مشاركة حقيقيّة، ويرى ان سحب الوطني الحر الغطاء المسيحي من الحكومة يفقدها ميثاقيتها.
ويبقى السؤال هل تصمد الحكومة في وجه الخضات المتتالية، أم أن امر استقالتها اصبح حتميا؟ وهل من حلول لوقف حملة التصعيد ضد الحكومة؟
الانظار تتجه الى السراي الحكومي غدا، هل من جلسة او تأجيل لها، الخيارات لدى جميع الافرقاء مفتوحة، فهل يبقى من سقف لبقاء الحكومة موجودة ام ان هناك من يرى عدم وجود سبب لبقائها؟