سريعاً حرّكت واشنطن "الورقة الكردية" في مدينة الحسكة السورية، عقب الرسالة الروسية النارية التي حملتها قاذفاتها الاستراتيجية من قاعدة همدان الجوية الإيرانية، وسريعاً تلقّفت ردّ دمشق عبر توجيه ضربة "غير متوقَّعة" لحلفائها الأكراد، حيث تدخّلت الطائرات الحربية السورية للمرة الأولى لقصف مقاتلي "الاسايش" في المدينة، قبل أن تتدحرج الأمور لتصل إلى توغّل عسكري تركي داخل جرابلس الحدودية، أدرجته أنقرة في إطار "عملية عسكرية لقتال داعش وضمان وحدة الأراضي السورية".. ثمة مشهد سوري وإقليمي جديد بدأت معالمه ترتسم انطلاقاً من مدينة الحسكة، وسط معلومات لفتت إلى تبلور اتفاق سوري - إيراني - تركي بخوض معركة موحَّدة ضد المقاتلين الأكراد، في وقت رجّحت تقديرات استخبارية "إسرائيلية" انضمام أطراف إقليمية جديدة إلى معارك الجبهات الشمالية في غضون أسابيع ستتسم بسخونة كبيرة، وفق ما نقل موقع "ديبكا فايلز" العبري، ملحقة بإشارة المحلل العسكري في صحيفة "معاريف" إلى احتمال دخول مقاتلات صينية على خط المعارك المقبلة، جرى التمهيد له بالزيارة اللافتة في توقيتها، والتي قادت منذ ايأم وفداً عسكرياً صينياً إلى دمشق.
ورغم الهدنة التي فرضتها الوساطة الروسية، إلا أن الأنباء أشارت إلى حشود عسكرية للقوات الكردية في القامشلي منذ ليل الإثنين - الثلاثاء، مواكبة لمآل التطورات الميدانية في الحسكة، مقابل جهوزية عسكرية تركية، بانتظار "تمدد" تلك القوات باتجاه جرابلس، صحيفة "الواشنطن تايمز" نقلت عن الجنرال الأميركي المتقاعد توماس مكينري قوله إن "مؤشرات عديدة تشير إلى اتفاق ثلاثي إيراني - سوري - تركي يهدف - بحُكم المصلحة المشتركة حيال خطر الانفصال الكردي عن الدولة السورية - إلى نسف "حلم" الأكراد بالفدرلة قبل ترجمتها على الأرض، في حين برزت معلومات لافتة كشفت عنها صحيفة "لاستامبا" الإيطالية - استناداً إلى مصادر وصفتها بـ"الرفيعة" في وزارة الدفاع الإيطالية - مفادها أن معطيات ميدانية غير متوقَّعة ستطبع مسار المعارك المقبلة بين الوحدات الكردية والجيش السوري في مدينة الحسكة، مرجِّحة أن يعمد الأكراد - بإيعاز أميركي - إلى استبدال وجهة المعارك من جرابلس إلى جبهة شمالية مفاجئة.
في المقابل، ذهب المحلل العسكري في صحيفة "معاريف" إلى ما اعتبره "أبعد من معارك منتظَرة في حلب"، فرضته دلالات الرسالة الروسية "الأعنف" ضد واشنطن انطلاقاً من القاعدة الجوية الإيرانية، ناقلاً عن الجنرال الأميركي ديفيد ديبتل إشارته إلى "قرار استراتيجي لا رجعة عنه" اتخذته روسيا وسورية وإيران وحزب الله، بحسم معارك حلب قبل الانتخابات الأميركية، ومتوقفاً عند الزيارة المفاجئة لوفد عسكري صيني رفيع المستوى إلى دمشق، خرقت مشهد انطلاق قاذفات روسيا من إيران.. ثمة ما يدلل إلى أن المستجدات المقبلة "أخطر" و"أوسع" من حدود حلب، فـ"المقاتلات الصينية قادمة أيضاً" إلى أجواء سورية للمرة الأولى، جملة معطيات أُضيفت إلى رسالة روسيا المربكة من إيران، كفيلة بأن تقلق "إسرائيل"، حسب تعبيره.
وإذ رجّح أن يكون اجتماع الوفد العسكري الصيني بوزير الدفاع السوري قد تتطرق إلى إمكانية توجُّه مقاتلات صينية إلى سورية في المدى المنظور، سيما أن حاملة الطائرات "الياويينغ" رست فعلاً في ميناء طرطوس منذ ما يقارب العام، رغم عدم تأكيد الخبر، لفت المحلل العسكري - استناداً إلى مصادر قال إنه استقاها من ضباط رفيعي المستوى في الاستخبارات الأميركية - إلى إمكانية دخول الصين على خط توجيه ضربات جوية ضد ما يسمى "الجيش الإسلامي التركستاني"، الذي يضم أكثر من ثلاثة آلاف مسلح من "الإيغور" ينتشرون في الجبهات الشمالية، في سياق معركة ضخمة تقدّر الاستخبارات "الإسرائيلية" أنها ستوجَّه بالدرجة الأولى إلى "جيش الفتح" في إدلب.
وعلى وقع الرسالة الروسية الساخنة التي ارتأت موسكو توجيهها لواشنطن من طهران، في ذروة انشغال الإدارة الأميركية بالتحضير للانتخابات الرئاسية، وتزامُناً مع "مفاجأة" إعلان موسكو وطهران "تعليق" استخدام قاعدة همدان الجوية الإيرانية، على أن تواصل روسيا استخدامها "إذا تطلّب الوضع الميداني في سورية ذلك"، وفق تصريح الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية، تكون روسيا قد أبلغت "من يهمّه الأمر" أن كل الاحتمالات العسكرية اللاحقة مفتوحة، في وقت نقلت صحيفة "بوليتيس" الفرنسية عن مصدر عسكري روسي ما مفاده أن "الرئيس بوتين بصدد إطلاق مفاجأة أخرى لا تقلّ وقعاً عن سابقاتها، يعقب مشهداً جديداً يجمع الرئيسين بشار الأسد ورجب طيب أردوغان في دمشق"، مرجحاً تسارعاً لافتاً للمستجدات الميدانية على جبهات حلب وإدلب ودير الزور، يخرقه نصر للجيش السوري "بات وشيكاً" في أبرز المعاقل المسلحة بالغوطة الشرقية.