يتصدر انعقاد جلسة مجلس الوزراء اليوم مع غياب وزراء "التيار الوطني الحر" عنها قائمة الأخبار والاهتمامات السياسية في لبنان، في ظل ركود سياسي يعيشه لبنان وانعدام الأفق لانتخاب رئيس للجمهورية أو الوصول إلى قانون انتخابي جديد يعيد تدوير العجلة السياسية في البلاد.
وبعد أن أعلنها "التيار" مقاطعةً للجلسات، محذراً من المس بما يسميها "الميثاقية" في الدولة، باتت علامات الاستفهام تطرح على مفهوم هذه الميثاقية التي بات جميع الافرقاء حريصين عليها. ورغم تدخل "الحليف الوفي" حزب الله على خط المصالحة والتهدئة، بقي وزراء التيار مصرين على مقاطعة الجلسة، وبقي رئيس الحكومة تمام سلام مصراً على انعقاد الجلسة حفاظاً على "هيبته السياسية".
في هذا السياق، يعتبر الاعلامي ابراهيم عوض أن "كلمة ميثاقية تطرح العديد من الملاحظات"، لافتاً إلى أنه "حين يكون هناك مكوّن معيّن غائب كلياً عن جلسة الحكومة حينها يمكننا القول ان لا ميثاقية للجلسة، لكن في الحالة التي نشهدها اليوم يمكننا أن نقول ان الجلسة غير مكتملة ولا يوجد العدد الكافي من التمثيل المسيحي في الجلسة"، ومذكراً بان "مصطلح غياب الميثاقية عشناه حينما استقال الوزراء الشيعة من حكومة فؤاد السنيورة، إذ غاب كل الشيعة عن الحكومة وكان يمكننا القول ان لا ميثاقية فيها".
ويوافقه الرأي الكاتب والصحافي طوني عيسى، إذ يرى أن "معيار الميثاقية في لبنان أصبح غامضاً وملتبساً نتيجة الاستخدام السياسي لهذا المعيار من جانب عدد من الاحزاب السياسية وفقاً لمصالحهم المختلفة"، مشددا على أن "مفهوم الميثاقية بالمعنى المجرد يختلف عن المعنى الذي يجري اطلاقه اليوم". ويطرح عيسى عدداً من التساؤلات "هل الميثاقية تعني وجود الطوائف أو المذاهب أو التشكيلات السياسية؟ فاذا غاب الدروز عن جلسة للحكومة هل هناك ميثاقية؟ واذا غاب الروم الأرثوذكس هل هناك ميثاقية؟"
واذ يعتبر عيسى أن "موضوع الميثاقية بات ملتبساً"، يؤكد أن "الحل الوحيد هو بالعودة إلى الدستور لتفسير مفهوم الميثاقية، واذا غاب مفهوم الميثاقية في الدستور يجب أن يتم ادخال هذا المفهوم إليه ليكون كل شيء واضحًا وكي لا يتم تفسير الميثاقية وفق الأهواء".
في سياق آخر، برز نوع من العتاب العوني على الحلفاء لمشاركتهم في جلسة اليوم رغم غياب "العونيين"، بحيث تشرذمت التحالفات من جديد بسبب عدم وقوف حلفاء التيار في نفس "الخندق" المطالب بالتعيينات العسكرية وعدم القبول بالتمديد.
من هنا، يعرب الاعلامي ابراهيم عوض عن اعتقاده بأن "التنسيق بين "حزب الله" و"التيار" قائم بشكل دائم"، لافتاً إلى ان "خطابات الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله الأخيرة كانت تؤكد على ضرورة بقاء الحكومة وان لا مصلحة لأحد لأن تسقط".
ويوضح عوض أن "التيار يريد تعيين قائد جديد للجيش وهذا لا يمكن حالياً لأن الحكومة لن تطرح هذا الاسبوع موضوع قيادة الجيش ولا جلسة للحكومة الاسبوع المقبل بسبب غياب سلام والأسبوع الذي يليه لن يشارك وزراء التيار مرة أخرى فيطرح وزير الدفاع سمير مقبل الأسماء المرشحة ولن يتم الاتفاق على اسم وبالتالي يتم التمديد للقائد الحالي العماد جان قهوجي"، لافتاً إلى أنه "في حينها سنتساءل عن خطوة التيار ان كانت اعتكافاً او استقالة"، ومستبعداً امكانية الاستقالة لأن الحكومة تعوض بشكل جزئي عن غياب رئيس الجمهورية.
اذا، باتت "الميثاقية" بمثابة الشماعة التي يعلق عليها السياسيون اعتراضاتهم، وبات الجميع يهدد بالاستقالة أو الاعتكاف ان لم يتم القبول بطلباته. فإلى متى ستستمر "الميثاقية" في تهديد استمرارية المؤسسة الدستورية الأخيرة المتبقية على قيد الحياة السياسية؟