مقارنة بالأزمة الحكومية التي نشأت في المرة السابقة عندما مددت ولاية قائد الجيش العماد جان قهوجي، يبدو التيار الوطني الحر أكثر إرتياحاً هذه المرة لحركته التصعيدية التي أطلقها منذ أيام إعتراضاً على ما أسماه بـ"المسرحية الوزارية" التي أدت الى تأجيل تسريح أمين عام المجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير سنة إضافية والتي من المتوقع أن تتكرر فصولها مع رئيس الأركان وقائد الجيش.
إرتياح التيار في معركته الراهنة التي بدأت بعدم حضور جلسة مجلس الوزراء، وما من أحد يعرف كيف ستنتهي، يعود الى أكثر من سبب، تقول المصادر الوزارية المتابعة.
السبب الأول مرتبط مباشرة بموقع قيادة الجيش وتحديداً بأسماء المرشحين الى هذا المنصب، إذ أن مقاطعة التيار للحكومة عندما مدد لقهوجي كانت نابعة في جزء منها من مصلحة سياسية بحتة بسبب ترشيحه القائد السابق لفوج المغاوير العميد شامل روكز الى قيادة الجيش، أما اليوم فما من مرشح الى هذا المنصب تربطه بالعماد ميشال عون صلة قرابة عائلية أو سياسية، وما من إسم يتم التداول به على أنه مرشح التيار كما ان "الجنرال" لم يخاطب ولو لمرة واحدة الرأي العام مسوّقاً لأحد الضباط ومشيداً بتاريخه ومناقبيته كما كان يحصل قبل أن يحال روكز الى التقاعد.
السبب الثاني هو أن تصعيد التيار بدأ مع التمديد لضابط منصبه محسوب على حصة الطائفة السنية، وفي هذا السياق يقول وزير شارك في الجلسة الحكومية التي سقط فيها التعيين، "بمجرد أن قال وزير الخارجيّة جبران باسيل في الجلسة بما أن موقع اللواء خير سنيّ لذلك فلنعيّن من يريده تيار المستقبل، ربح نصف المعركة أمام الرأي العام حتى لو أن كلامه لم يغير شيئاً في نتيجة التصويت على الأسماء التي إقترحها وزير الدفاع سمير مقبل، وظهر باسيل حريصاً على إعطاء كل شريك طائفي حقّه وعلى تطبيق قانون الدفاع بحرفيته بعيداً كل البعد عن منطق خرقه الذي ساد في السنوات الماضية".
بين السببين الأول والثاني، لا تقلّل المصادر الوزراية من أهميّة السبب الثالث الذي يجعل إعتراض التيار أقوى من المرات السابقة. سبب ميثاقي بإمتياز. ففي المرة السابقة لم يكن حزب الكتائب قد إستقال بعد من الحكومة، وشكل وزراؤه في ذلك الحين إضافة الى وزراء رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان والوزراء المستقلين، الغطاء المسيحي الذي تذرّع به الفريق المؤيد للتمديد. أما اليوم فالحكومة باتت من دون وزراء التيار ومن دون وزراء الكتائب وهي لا تضم أصلاً ممثلين عن القوات اللبنانية. لذلك وامام هذا الواقع الحكومي الجديد تقول مصادر التيار، "كما لا يدعو رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى جلسة نيابية لن يحضرها تيار المستقبل بسبب حجمه التمثيلي داخل الطائفة السنيّة، لا يجب القبول بعقد جلسات للحكومة من دون المكونات المسيحية التي تمثل المسيحيين".
أسباب تجعل موقف التيار أقوى من أي وقت مضى، لكن قوتها هذه لم تصل بعد الى درجة تحرج حلفاءه وتدفعهم الى التضامن معه، فهل سيخرج منتصراً من هذه المعركة أم أن حساباته الرئاسية ستجعله يتجرع كأس التمديد مرةً إضافية؟