أخيراً، وبعد طول انتظار، أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها ليس في القضية الرئيسية التي تبحث بها، أي جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، ولكن في قضايا ما سُمّي بـ"التحقير بالمحكمة"، على رئيس تحرير جريدة "الأخبار" إبراهيم الأمين وشركة "أخبار بيروت" بغرامة قدرها 20000 يورو، وعلى شركة "أخبار بيروت" بغرامة قدرها 6000 يورو...
هذا الحكم لقي تفاعلاً كبيرًا في الاعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما وان القضية منذ بدايتها كانت محط سخط اعلامي وسياسي كبير، نظرا لانتقائية المحكمة الدولية في اختيارها الصحف والمؤسسات التي سرّبت الاخبار دون سواها، مع العلم ان التسريب بدأ منذ بداية عمل المحكمة في صحفٍ عالمية، لكن المحاكمات لم تطل الا وسائل الاعلام المحلية وهو ما اعتبر انه "كمّ للافواه" او وسيلة ضغط على الحريات في لبنان. لكن في مقابل ذلك، خرجت مواقف اعتبرت ان من واجب الامين دفع الغرامة، في حين ذهبت بعض المواقف الى حدّ "الشماتة" بالصحيفة ودعوة الامين لدفعها بالقوة.
وبعيدا عن المواقف السياسية والاعلامية المتضامنة او التي التزمت الصمت المطبق في زمن وجب عليها الحديث، تحول العالم الافتراضي الى ساحة للدفاع عن ابراهيم الامين وصحيفة "الاخبار" بعد قرار المحكمة الدولية الذي اعتبر جائرا بحقهما، كما انتشرت تعليقات "تهكم" وقد برز وسما "بلطوا البحر" و"ابراهيم الامين"، مع الاشارة الى ان وسم "بلطوا البحر" تصدّر مانشيت صحيفة الاخبار صباح اليوم الثلاثاء في 30 آب، في افتتاحية لابراهيم الامين ردا على قرار المحكمة بأن تدفع الغرامتان كاملتين في موعد أقصاه 30 أيلول 2016.
المغردة صباح ايوب نوهت بموقف الأمين، وقالت "بقي على موقفه من يوم الاتهام حتى صدور الحكم. لم يعترف بشرعية المحكمة. لم يذهب لعندهم. لم يساوم."، بدوره اشار حمزة م. الامين الى انه "لن ترهب الأخبار ولا رئيس تحريرها قررات جائرة وعلى قول الرفيق بيار ابي صعب بلطوا البحر".
التغريدات التي هاجمت المحكمة الدولية لم يسلم منها وزير الاعلام رمزي جريج، حيث اشار رفيق نجا الى ان "المطلوب من جريج الإستقالة فوراً إحتجاجا على الإرهاب الموصوف الذي تمارسه المحكمة الدولية الإسرائيلية في حق ابراهيم الامين".
وقد تم التفاعل مع القضية على صعيد عربي ومن البحرين تحديدا، حيث اعتبر المغرد عبدالله الفردان ان "رد ابراهيم الأمين إتجاه احكام المحكمة لن يختلف عن رد كوريا الشمالية إتجاه قرارات مجلس الأمن. بمعنى آخر بلطو البحر".
وفي المواقف السياسية المقابلة، توجه اسامة الضناوي الى ابراهيم الامين بالقول: "أنا رأيي انك ستدفع الـ20 الف يورو، وعلى الارجح ستدفعها على السكت، على قاعدة لا مين شاف ولا مين دري".
بين الشماتة والتضامن، تأرجحت المواقف في قضية ألهبت لبنان منذ شتاء عام 2005، ولكن الشيء الحاسم والاكيد في الموضوع، ان قرار المحكمة الدولية لن يفيد التحقيقات ولن يوصل الشعب اللبناني بشكل عام الى حقيقة من اغتال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري، كما ان هذا القرار اعاد النقاش حول اهلية هذه المحكمة او شرعية قراراتها لا سيما وان فريقا من اللبنانيين لا يعترف بها ومنهم ابراهيم الامين وصحيفة "الاخبار".
ويبقى السؤال، هل سيطبق ابراهيم الامين العقوبة ويدفع الغرامة ام يبقى شعاره "بلطوا البحر" سيد الموقف؟