يعمل العقل اللبناني بقدرته القصوى عندما يتعلق الامر "بكسب الاموال"، فلا يعيقه عن تحقيق هذا الهدف عائق، حتى وان كانت الطريقة تؤذي آخرين او تستنزف طبقات متوسطة وفقيرة او حتى ان كانت مخالفة للقوانين. في بلدية بلاط قضاء جبيل، مفكّرون من هذا النوع، وجدوا ان أفضل طريقة لربح المال هي باستغلال طلاب الجامعة اللبنانية الاميركية في المنطقة.
تلقّت "النشرة" شكاوى من مواطنين في النطاق البلدي التابع لمنطقة "بلاط" تتمحور حول تخطيط البلديّة للشارع العام (وهو ليس ضمن نطاقها إنّما يتبع لوزارة الأشغال) صعودا من مدخل الجامعة اللبنانية الاميركية، وتعيين شركة "فاليه" باركينغ تعمد على قبض الأموال من الطلاب مقابل مبلغ 5 الاف ليرة لبنانية.
وفي هذا الاطار تشير مصادر لـ"النشرة"، الى ان الطريق التي هي ملك عام تابع لوزارة الاشغال العامة والنقل كانت تشكل مكانا مجانيا للطلاب لإيقاف سياراتهم. وتضيف: "حرمتهم البلدية من غير وجه حق من "المجانية" وألزمتهم اليوم بدفع الاموال، وان لم يفعلوا سيكون "محضر الضبط" بانتظارهم على سياراتهم".
ومن جانبه يقول أحد الطلاب لـ"النشرة": "كان لدينا مواقف مجانية، وفي مواقف أخرى كنا العام الماضي ندفع مبلغ 100 دولار لمدة ستة اشهر ونركب الباص الخاص بالجامعة ليوصلنا الى حرمها، ومن كان غير قادر على دفع هذه المبالغ يركن سيارته على الطريق ويمشي وهذا ليس عيبا، فليس كل طلاب هذه الجامعة هم من الأغنياء كما يظن البعض، ولكننا فوجئنا مع بداية العام الدراسي بتخطيط الطريق ووجود شركة "فاليه" باركينغ، فقصدنا العميد واستفسرنا عن الموضوع وكان الجواب بأن البلدية قامت بهذا المشروع وسيكون لنا تحركات قريبا لمعارضته".
اذا يتعلق الموضوع بالبلدية، وهي التي لم تنفِ على لسان رئيسها اندريه القصيفي انها لزّمت "خدمة ركن السيارات" في الجامعة اللبنانية الاميركية الى شركة خاصة. ويقول القصيفي في حديث لـ"النشرة": "قمنا بهذا المشروع عبر مناقصة، وهدفه تنظيم حركة السير ووقوف السيارات في الجامعة منعا للازدحام المروري". في هذا الاطار تؤكد المصادر أن المناقصة التي أجريت هي مناقصة صُوَرِيّة وان الشركة التي استلمت المشروع تابعة لرئيس البلدية نفسه ويديرها أحد المقربين إليه.
وتكشف المصادر أن البلدية لم تكتفِ بالشركة فقط بل ترسل عناصر شرطتها لمساعدة عمّال الشركة، كذلك فهي تضغط على أصحاب "المشاريع" السياحية الموجودة في نطاقها البلدي ليتعاقدوا مع نفس الشركة للفاليه باركينغ، ولكن قصيفي يرد على هذه المعلومات بالتأكيد ان عددا من المطاعم في بلاط يستعملون أملاك البلدية كمواقف وليس لديهم شركة "فاليه" لتدفع الرسوم، بل موظف تابع للمطعم يتعامل مع الزبائن كما ولو انه شركة، مشيرا الى ان البلدية طالبت هؤلاء بالتعاقد مع شركة مسجلة تدفع الرسوم المتوجبة عليها للبلدية ولم تلزمهم بشركة محددة.
يدفع اللبنانيون خدمة "موضة" "الفاليه باركينغ" لدى توجههم عادة الى أماكن عامة، لأجل السهر او التبضّع او حتى للمستشفى، على الرغم من أنّهم ليسوا بحاجة اليها على الاطلاق إنّما مفروضة عليهم أينما حلّوا، وباتت بعض البلديات أسواقا تجاريّة تنهش المواطن من النفايات وتستفيد حتى من كل حبّة من حبّات البحص ربّما لمنافع خاصة بعيدة عن هموم الناس الذين يرزحون تحت ضائقة اقتصاديّة خانقة وضاغطة، فكيف سيكون حال طلاب جامعة إن دفعوا يوميا 5 الاف ليرة وبطريقة إجباريّة كخدمة لركن السيارة، ما يعني قرابة المليون ليرة خلال العام الدراسي؟