تداخلت المعطيات الميدانية السورية الى حد باتت فيه القراءة العسكرية دقيقة للغاية. الأتراك نجحوا في طرد "داعش" عن مساحة حدودية مع بلادهم تمتد من جرابلس الى اعزاز. الأهم بالنسبة الى أنقره انها أجهضت مشروع الإقليم الكردي في تلك المساحة الشمالية السورية. لكن هل يكتفي الأتراك هنا؟
عينهم على مدينة الباب في سباق مع الجيش السوري وحلفائه. من يصل الى الباب اولاً يدخل في مرحلة ميدانية جديدة. يبعد الجيش السوري عن الباب ثلاثة كيلومترات، بينما يحتاج الأتراك لقطع سبعة كيلومترات للوصول الى تلك المدينة.
الفارق ان الجيش السوري يحتاج لمزيد من أعداد العسكريين لفتح هذه الجبهة، بينما تتوافر الأعداد عند الأتراك.
سباق على الارض لا يبدو الروس بعيدين عنه، وبحسب المعلومات فقد زادوا عدد عسكرييهم اكثر من 350 جندياً اضافيا استقروا في مطار كويرس العسكري، فيما كان الجيش السوري يمدد انتشاره على طريق اثريا-خناصر.
فهل هدف الروس والسوريين التقدم في حلب أم الوصول الى الباب؟ او هو لإيجاد توازن ميداني مع الأتراك؟
معلومات تحدثت عن نية المسلحين الدواعش الهروب نحو ريف حلب الجنوبي بعد مغادرتهم سابقا منبج وجرابلس نحو الباب، ما يعني دفع الأتراك المسلحين الهاربين نحو مناطق خاضعة لسيطرة الجيش السوري وحلفائه.
بعد حصار حلب الشرقية مجددا وسقوط "الدفرسوار" الذي فرضته المجموعات في الأسابيع الماضية تُصبح الاولوية عند الجيش وحلفائه لتحرير حلب من المسلحين. لذلك عزز الروس والسوريون تواجدهم في هذه المنطقة.
لكن المفاجآت الميدانية ظهرت في جنوب سوريا. المعلومات تحدثت عن وصول آلاف المقاتلين التابعين لدمشق وحلفائها الى درعا بهدف تحرير مساحات إضافية من الاراضي جنوب البلاد. ومن هنا جاءت الرسائل الإسرائيلية النارية لدمشق بسلسلة غارات استهدفت مواقع للجيش السوري في القنيطرة بحجة سقوط قذائف في الجولان المحتل.
هذه التطورات العسكرية معطوفة على جملة مصالحات وتسويات تجري ما بين ريفي العاصمة ودرعا تجعل الاحتمالات جميعها قائمة حول متغيرات جذرية لمصلحة الدولة السورية.
الميدان هو من يفرض طبيعة المفاوضات الدولية، فيحصل المد والجزر الأميركي والروسي حول سوريا ويجر معه حسابات إقليمية من طهران الى أنقره، ما يعني ان السياسة تنتظر تطورات الميدان المفتوحة حتى الآن.