نجح حزب الله بإقناع التيار الوطني الحر حضور جلسة الحوار الوطني التي انعقدت أمس برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، على أساس ان يطرح رئيس التيار وزير الخارجيّة جبران باسيل هواجس الفريق المسيحي الذي يمثّل، لكن بري لم يتمكن من احتواء السجال او المشادّة، التي حصلت بين باسيل ورئيس تيّار "المردة" النائب سليمان فرنجية، على خلفية الميثاقية وتغييب المسيحيين عن المشاركة في القرار، وبما أن باسيل لم يحصل على أجوبة من المتحاورين أُبْلِغَ بري مقاطعة التيار لجلسات الحوار مما دفعه الى تعليق طاولة الحوار الى اجل غير مسمى.
وتساءلت مصادر نيابية في الوطني الحر عن أي جدل يتكلم فرنجية، وماذا عساه ان يقول في المشاورات التي أشار الى انه سيجريها مع حزب الله؟
واوضحت المصادر، انه اذا كان رئيس تيّار "المردة" لا يرى في سياق كل التطورات السياسية التي حدثت منذ العام 2005، أي غبن قد حل على المسيحيين، وربط موقف التيار بمسألة شخصيّة تعود الى ان هناك محاولة من البعض لإلغائه، فهذا يعني أنّ أيّ تشاور مقبل مع أيّ جهة كانت لن تؤدي الى أيّ نتيجة، وبالتالي فعلى كل مسؤول ان يتحمّل تبعات ما جرى وما يمكن ان يجري.
بانتظار الاتصالات والمشاورات بين الفريق الواحد أي 8 آذار حول الخطوات المقبلة، تشير المعطيات المتوفرة حتى الان أنّ الاتصالات التي اجراها "حزب الله" مع عدد من القوى السياسيّة أثمرت نتائجها عن حضور جبران باسيل طاولة الحوار الوطني، وعرض هواجس تياره الجديّة حيال الامور التي يرى انها بحاجة الى معالجة لتفادي تعقيدات سياسية وحكومية.
وتعتقد المصادر ان فشل جلسة الحوار عقّد مهمة الحزب، لأن اداء المتحاورين خصوصًا من خصوم التيار السياسيين حيال ما تقدم به باسيل، وعدم تجاوب بري مع طرحه، يخفي نوايا جديّة لمواصلة تجاهل هواجس لم يعد بإمكان التيار الوطني التغاضي عنها.
وفي هذا الإطار تشرح مصادر نيابية متعاطفة مع التيار ان البحث جارٍ بين معظم الفرقاء، وان "حزب الله" يلعب دورا كبيرا لإنقاذ جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس المقبل في الثامن من شهر أيلول الجاري، رغم إعلان باسيل مقاطعتها وعلى جدول أعمالها تعيينات مهمة، والبند الأهم فيها هو مناقصة تشغيل الخليوي.
وتتركز هذه الاتصالات ومحورها اضافة الى برّي، رئيس الحكومة تمام سلام وتيار المستقبل والتيار الوطني الحر، على حلٍّ ربّما يؤدي الى تفاهم لإنقاذ الحكومة من التصدّع جرّاء اصرار العونيين على معالجة الأسباب التي أدّت الى عدم مشاركتهم في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، خصوصًا أنها جرت خلافا لما قيل انه تم الاتفاق بأن تُعقد دون البحث ببنودها واتخاذ قرارات بشأنها.
وتردف المصادر ان الحل الذي يتم تداوله يقضي بعدم توقيع القرارت التي اتخذت في جلسة 25 آب والتي لا تؤثر على مصالح الناس، وتأجيل توقيع القرارت الباقية ريثما يتم التفاهم مع الفريق المسيحي المقاطع.
ومن بين الحلول المقترحة هي أنْ تكون جلسة الخميس المقبل في إطار مجلس وزاري تشاوري بين اعضاء الحكومة، حول الورقة التي سيطرحها لبنان في المؤتمر الذي سيعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي سيبحث فيها ملف النازحين السوريين ومصيرهم في الدول المُضيفة، مما سيسمح لوزير الخارجية جبران باسيل بحضورها، وتكون هذه الخطوة برأي المصادر بداية لكسر الجليد بين سلام ووزراء التيار.
اما في ما يخص تعيين رئيس للأركان للجيش، فإنّ العمل جار بحسب المصادر على ايجاد مخرج يسمح لوزير الدفاع سمير مقبل، بإصدار قرار يقضي باستمرار رئيس الأركان الحالي العميد وليد سليمان بوظيفته لمدة ستة أشهر اخرى، بالرغم من وجود علامات استفهام حول قانونية هذا الحل، تجنبا لحصول فراغ في هذا المنصب لتعذّر التعيين في مجلس الوزراء، لاسيّما وان قانون الدفاع ينص ان يحل رئيس الأركان محل قائد الجيش اللبناني في حال تغييب هذا الاخير لأي سبب، وفي موازاة ذلك يتم التمديد للعماد جان قهوجي لأنّ مثل هذا التدبير لا يحتاج الى مجلس الوزراء بل الى قرار من وزير الدفاع، بعد عرض شكلي على تعيين قائد جديد على غرار ما حصل في ملفّ التمديد للأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمد خير، مع وجود شبه إجماع بين جميع القوى على التمديد، وقناعة لدى التيّار ان معارضته لهكذا خطوة لم تعد تؤدّي الى أي نتيجة.
وتخوّفت المصادر من أن مفعول هذه المسكّنات ومستقبل الحكومة التي يصر حزب الله على استقرارها والعمل مع الجميع وخصوصًا مع تيار المستقبل على تحقيق هذا الهدف، أصبحت مرتبطة ارتباطا وثيقا بما سيقوله رئيس تكتّل التغيير والاصلاح الجنرال ميشال عون في الخطاب الذي من المتوقع ان يلقيه يوم 13 تشرين الاول من هذا العام، امام أنصاره في التظاهرة التي يعدّون لها امام القصر الجمهوري.