إنضمّت طاولة الحوار الى مؤسسات البلد المشلولة بعد ان كان يعوّل عليها لإيجاد مخرج حلّ للوضع القائم حاليا، لا سيما بعد الحديث عن استكمال تطبيق اتفاق الطائف، وتشكيل مجلس شيوخ واقرار لا مركزية وغيرها من الامور، الا أنّ جلسة الأمس طغت على كل الاحداث لا سيما بعد المواجهة التي حصلت بين رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية ورئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، وتحول الجدل الداخلي في الجلسة الى جدل وطني عام بعد تعليق رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة وانسحاب التيّار الوطني منها.
طاولة الحوار كانت "ترند اليوم" في أغلب المقالات والتحليلات في الصحف، كما انها احتلت النقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تحوّلت الى ساحة مبارزة بين تياري "المردة" و"الوطني الحر"، حيث عمل كل فريق على التغني بماضيه وقدح وذمّ الفريق الآخر، من جهة ثانية كان هناك فريق من "الشامتين" بما حصل في الحوار، جزء كبير منهم كانوا من الإعلاميين والسياسيين الذين وصفوا الحوار بـ"حفلة التكاذب".
مدير عام الامن العام السابق اللواء جميل السيد كان من اول "الشامتين"، وقال في تغريدة له: "سقطت طاولة الحوار! لا تخافوا ولا تحزنوا! هي لم تكن من أجْلكم ولا لحلّ مشاكلكم! هي كانت ورقة التين لتعويم بقائهم في السلطة، والضحك على الناس"...، بدوره رئيس حزب التوحيد الوزير السابق وئام وهاب اعتبر ان "لا أحد سيأسف على وقف الحوار طالما أنه حفلة تكاذب مشترك، ولم يأتِ بتكاليف القهوة والحلويات التي أكلها وشربها المتحاورون". القيادي في القوات اللبنانية شربل عيد أشار الى انه "ثبت بما لا يقبل الشك ان موقفنا من عدم المشاركة في الحكومة وفي طاولة الحوار كان موقفاً صائباً وصل اليه الآخرون متأخرين.... كثيراً!"
الزميل في قناة "المنار" حسن حمزة غرّد معلقا عن الموضوع: "قال شو، علقت طاولة الحوار... اي ما البلد كلو معلق... بالمشنقة!"، بدوره الزميل فارس الجميّل اعتبر ان "ما حصل في جلسة الحوار الوطني اليوم يثبت مجدّدا أن أزمتنا طويلة وأنْ لا حلّ في الأفق لأيّ من الملفات العالقة وفي مقدمها رئاسة الجمهورية. شيء معيب". الناشطة زينب عطالله اشارت الى انه "اذا صار شي منيح اليوم بطاولة الحوار هو انو بيّنت الصورة الحقيقية... كلو ضد كلو ووقفولنا حفلات الكذب عبعض".
وعلى هامش الجدل الذي حصل حول تعليق طاولة الحوار، كان هناك سجالات عنيفة حول ما حصل بين باسيل وفرنجية وردّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري على باسيل، وحملت العديد من التغريدات مسؤولية ما حصل لوزير الخارجية، في وقت دافع جمهور باسيل عنه معتبرا انه نَاصَرَ المظلومين.
الناشط فؤاد خريس سأل "بالنسبة للحكومة العسكرية يللي الّفها الجنرال سنة 1988 ومن لون مذهبي واحد كانت ميثاقية وقتها؟" وفي السياق، توجه ناظم الحايك الى العماد ميشال عون بالقول: "اللي عندو صهر متل جبران باسيل منو بحاجة لخصوم واعداء بالسياسة، جبران بكفّي وبوفّي".
وعلى سبيل المزاح قال محمد الحركة "اذا انتِ متل جبران باسيل بتهدّدي ما بقى بدك تحاوري، انا متل نبيه بري بلغي طاولة الحوار من اساسها"، فردت عليه روان لزيق بالقول: "بدي كون متل سليمان فرنجية بقصف جبهات".
بالمقابل، اعتبر بيار ان "جبران باسيل هو مواطن صالح يداه ليستا ملطختين بالتعامل والاستزلام للسوريين في زمن الاحتلال ولم يكن شاهد زور على توقيف المسيحيين"، بدوره نقل اسبر مخايل قول باسيل: "عندما يصبح الظلم قانوناً، تصبح المقاومة واجباً"، وقال "منطمنك رئيس، نحنا هيك وين ما كان".
في النهاية، لا بد من الاشارة الى ان الموقف الذي اتخذه باسيل في طاولة الحوار خلط الاوراق، لا سيما وانه فتح عدّة جبهات في آن واحد، مستثنيا من ذلك رئيس الحكومة تمام سلام، بالمقابل فتحت الجبهات على باسيل بشكل خاص وعلى الحوار بشكل عام، بانتظار المواقف والتطورات التي ستحصل بعده، خصوصا في جلسة الحكومة التي يمكن ان تنضم الى المؤسسات المعطلة اذا لم تنجح الاتصالات بمعالجة الازمة مع التيار قبل انعقادها.
على امل ان تنجح الاتصالات في حلحلة العقد والوصول الى حلول تعيد العمل الى مؤسسات الدولة والحوار الذي يمثل الباب الوحيد امام اللبنانيين لحل امورهم.