طغت طاولة الحوار وتداعياتها على الحياة السياسية في لبنان، خصوصاً بعد التصعيد من قبل "التيار الوطني الحر" وتشديد رئيسه وزير الخارجية جبارن باسيل على ضرورة احترام "الميثاقية" في التعامل بين جميع الأفرقاء. وأمام هذا المشهد تتجه الأنظار إلى جلسة الحكومة يوم غد الخميس لتحديد خارطة الطريق التي سيسلكها السياسيون في لبنان.
هذا التصعيد من قبل "العونيين" طرح علامات استفهام على مصير الحكومة خصوصاً بعد ما أشيع في الأيام الأخيرة عن اتصالات تجرى مع رئيس الحكومة تمام سلام لتأجيل جلسة الخميس تخوفاً من ان تكون بمثابة المسمار الأخير في نعش الحكومة التي تعاني أصلاً من الموت السريري.
فماذا ستحمل جلسة الغد من تطورات سياسية، وكيف سيتم رسم مصير الحكومة بعد فشل جميع الوساطات مع "التيار" للمشاركة فيها؟
في هذا السياق، يرى عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار الصحافي نوفل ضو أن "جلسة الغد لن تحمل شللاً حكومياً طالما أن "حزب الله" وحركة "أمل" وتيار "المستقبل" مصرّون على استمرار العمل الحكومي"، لافتاً إلى "امكانية ايجاد مخرج مؤقت لجلسة الغد لعدم الوصول إلى اسقاط الحكومة".
لكنّ الكاتب والمحلل السياسي غالب قنديل يعرب في المقابل عن تشاؤمه من سير العمل السياسي، لافتاً إلى أن "مصير الحكومة يتوقف على الطريقة التي ستدار فيها الجلسة والمواضيع التي سيتم مناقشتها إذا عقدت"، ومؤكداً حرص سلام على استئناف العمل الحكومي وتذليل العقبات.
ويشدد قنديل على أن "لا مصلحة لدى أي فريق بالدخول بالفراغ الحكومي لأن ذلك سيتسبب بأضرار أمنية واقتصادية وسياسية كبيرة"، لافتاً إلى أن "حزب الله في المنحى السياسي العام متضمن مع "الوطني الحر" وجهد في الأيام الأخيرة من أجل ايجاد مخارج لكن المشكلة اليوم أكبر من مجرد مقاطعة جلسة حكومية فالأزمة اليوم هي أزمة نظام".
وإذ يرى قنديل "اننا سنظل ننتقل من أزمة لأخرى اذا لم يتم الوصول إلى حلول جذرية تبدأ بقانون انتخابي جديد"، يؤكد أن "هناك أزمة كبيرة في الطبقة السياسية وهي في تصاعد وتفاقم لأننا ندور داخل حلقة مفرغة".
ويحمّل بعض الأفرقاء مسؤولية تشرذم الواقع السياسي إلى "حزب الله" الذي لا يضغط، حسب هؤلاء، على حليفه لكسر الجمود وتذليل العقبات.
وفي هذا الصدد، يؤكد ضو أن "القرار الاستراتيجي حالياً لدى "حزب الله" هو الاستمرار في العمل الحكومي آخذا بعين الاعتبار امكانية ايجاد مخارج مضمونة للأزمات"، مشددا على أن "الهم الأساسي للحزب هو عدم اسقاط الحكومة". ويرى أن "الحوار الأساسي الذي يحافظ على استقرار الوضع السياسي هو الحوار الثنائي بين تيار "المستقبل" و"حزب الله" برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري وكل الحوارات الأخرى تعتبر رديفة وأقل أهمية"، مشددا على أنه "لا يوجد فريق سياسي لديه رغبة على التأثير على الاستقرار العام في لبنان".
أما قنديل فيعتبر أن "الحزب عمل على رعاية الحوار وانجاحه وأكمل الحوارات الثنائية، ولكن التيار الوطني الحر يعتبر أنه تعرض للتهميش وكل ما يقوم به هو لتوجيه تحذير لتدارك الأمور"، مؤكداً أن "الحزب حريص على الحفاظ على الحد الأدنى من التواصل بين جميع الأفرقاء".
يبدو أن جميع الأفرقاء يتجهون إلى تبريد الأجواء خصوصاً بعد الانفجار على طاولة الحوار والذي، حسب وصف رئيس المجلس النيابي نبيه بري، كان الأخطر منذ الحرب اللبنانية. فكيف ستكون صورة الحكومة يوم غد وما الخطوات التي سيلجأ لها سلام؟