على وقع "التمدُّد" العسكري التركي في الشمال السوري، والذي أطبق على طول الشريط الحدودي الممتد من جرابلس إلى أعزاز، وتزامناً مع استمرار عمليات الجيش السوري وحلفائه في ريف حلب الجنوبي، بعد استعادة كامل الكليات الكليات العسكرية، لفت المسؤول السابق في وزارة الدفاع الفرنسية؛ بيار كونيسا، إلى تطورات ميدانية متسارعة "بالغة الأهمية" ستلفّ جبهات حلب بعد الفشل الروسي - الأميركي بالتوصل إلى اتفاق حيال سورية، وحلب تحديداً، مرجحاً أن يُترجم الصراع "الخفيّ" بين النظامين التركي والسعودي إلى معارك عنيفة بين ميليشياتهما على الأرض السورية، بعدما ارتفع منسوب التوجُّس لدى صقور العائلة المالكة السعودية بشكل كبير إزاء تصاعُد الدور العسكري التركي في سورية على حساب دورها، وكاشفاً عن تقارب مصري لافت باتجاه دمشق، عقب إقصاء السعودية عن المشاركة في مؤتمر غروزني، مقابل حضور مصري فاعل، ما اعتبرته "مؤامرة مصرية لسلبها دورها في قيادة العالم السُّني، بالتنسيق مع روسيا وتركيا". كونيسا اعتبر أن ثمة ما يشير إلى قرار "من دول إقليمية" بكبح جموح السعودية في اليمن وسورية، لتتقاطع معلوماته مع تقرير لصحيفة "فاينانشل تايمز" الأميركية خلُص إلى أن ميليشيات السعودية في سورية باتت بانتظار ضربات "من العيار الثقيل".
وربطاً بتقارير صحافية كشفت عن اجتماعات أمنية سعودية - "إسرائيلية" في أربيل العراقية للتنسيق حيال "ضرورة" فتح الجبهة الجنوبية السورية للالتفاف على أي "مفاجآت" قد تُفضي إليها عمليات الجيش السوري وحلفائه على جبهات حلب، توقفت مصادرعسكرية عند إنجاز الجيش السوري اللافت بسيطرته على كتيبة الدفاع الجوي بين أبطع وداعل، وأدرجتها في سياق خطة دمشق تحرير كامل معاقل الغوطتين المسلحة في فترة زمنية قياسية، كاشفة عن تحذير من القيادة العسكرية السورية وصل إلى متزعمي ميليشيا "جيش الإسلام" (المصنّف سعودي) في معقلهم دوما، وتخييرهم بين إلقاء السلاح والخروج منها، أو انتظار عملية عسكرية مباغتة "لن تُبقي ولن تذر"، ما يعني ضربة قاصمة ستكون بانتظار أبرز الميليشيات المدعومة سعودياً في أهم قلاعها بمحيط دمشق، في وقت كشفت التقارير عن اتفاق تركي - روسي - مصري على فرملة "الجموح" السعودي في المنطقة، "ما يؤشر إلى أنّ تدخُّلها في سورية وميليشياتها سترسو على صفيح ساخن".
صحيفة "كومسومولسكايا" الروسية التي لم تُخفِ إشارتها إلى "وقائع كثيرة" باتت تدلّل إلى قرب تحوُّل الصراع "الخفي" بين تركيا والسعودية إلى معارك على الأرض السورية بين الميليشيات المحسوبة على الطرفين، معتبرة أن أولى مؤشرات هذا الصراع سُجلت بالاشتباكات العنيفة بين "جند الأقصى" و"أحرار الشام" عقب "غزوة" الأولى بإيعاز سعودي لبلدات في ريف حماه الشمالي، لفتت إلى أن الشرق السوري قد يكون على موعد مع متغيرات "هامة" فرضها التدخُّل العسكري التركي في سورية. الصحيفة وعبر تقرير لها نقلاً عن مراسلها في سورية؛ الكسندر كوتس، رجّحت أن يُطلق الجيش السوري قريباً عمليات عسكرية مباغتة باتجاه منبج، بعد إخلائها من الوحدات الكردية قبل أن تصل إليها القوات التركية أو المدعومة منها ميليشيا "الجيش الحر".
وإذ توقّف عند الضربة القاسية واللافتة في توقيتها وجغرافيتها، والتي أقصت الرجل الثاني في تنظيم "داعش"؛ أبو محمد العدناني، أكد كوتس أن الأخير قُتل بغارة روسية في حلب عقب إحداثية من الاستخبارات السورية، كاشفاً عن حركة نقل غير اعتيادية لقادة في التنظيم وأعتدة عسكرية ثقيلة من الرقة باتجاه "ملاذ آخر"، سُجِّلت بعد قتل العدناني مباشرة، "ما يؤشر إلى أمر ما يُحضَّر باتجاه أكثر قلاع داعش تحصُّناً في الشرق السوري"، وناقلاً عن مصدر صحافي روسي مقرَّب من الكرملين، معلومات تؤكد عزم الرئيس السوري بشار الأسد على انتزاع المدينة من التنظيم بعد الانتهاء من تحرير حلب وما بعدها، و"حصر" عمليات تحريرها بالجيش السوري، ليصل كوتس في تقريره إلى عدم استبعاد مشاهدة العلم السوري فوق الرقة قبل انقضاء العام.
من جهته، يشير الباحث الأميركي غاريث بورتر، إلى أن دمشق جهّزت أوراقاً هامة مع حلفائها لاستباق نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي ستُفضي إلى فرض مناطق جوية محظورة فوق سورية في حال فوز المرشحة هيلاري كلينتون بسدّة الرئاسة، ويؤكد وُجهة نظر الكاتب الفرنسي تيري ميسان عبر قوله إن لقاء الوفد العسكري الصيني برئاسة الأميرال غوان يوفي مع وزير الدفاع السوري الشهر الماضي "أخفى أموراً هامة لم تُعلن"، ومن المؤكد أن المنطقة مقبلة على متغيرات جذرية، تحديداً في اليمن وسورية، سيما أن "حدثاً دراماتيكياً" قد يُقصي ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن الحكم، وفق ما نقل مصدر صحافي عن سفير دولة إقليمية في بيروت.