رأى السيد جعفر فضل الله أن "الأمة الإسلامية تمر في مرحلة من أخطر المراحل التي ربّما مرّت عليها في تاريخها إذ كلّ ما يجري يكاد يضعف الأمّة في فكرها ودينها وفي ذهنيّتها وروحها الإسلامية الجامعة، وأوّل المخاطر على الأمّة انقلاب مفاهيمها وأفكارها"، معتبرا أن "أكثر المظاهر انحدارا هو أنّنا نكاد نكون في عصر المذهبة الكبرى للإسلام، كلّ أُمَّة باتت تخلد إلى مذهبيّاتها، في الوقت الذي نعرف فيه أنّ صيرورة التطوّر في المجتمع هو الانفتاح وليس الانغلاق ما قد يعني أنّنا في حالة نكوصٍ نحو الجاهليَّة بكلّ عصبيّاتنا التي وإن ابتعدت عن الأصنام الحجريّة، فإنّها باتت تعيش نوعًا من الصنمية المقدّسة، وباسم الله هذه المرّة".
وشدد فضل الله في خطبة الجمعة على أنه "في هذا الزمن الرديء، لا يلائم مصلحة الأمّة أيّ خطابٍ مذهبيّ، يزيد من منسوب التقوقع المذهبي، ولا سيما الخطاب التكفيري الذي يستعيد مصطلحاتٍ وأدبيات من الكتب الصفراء، تخرج هذا الفريق من الدّين، وتخلع منه ربقةَ الإسلام، وتحلّ دمه وعرضه"، مؤكدا أنه "في هذا السياق ينبغي إخراج الحجّ من التجاذبات المذهبيّة، والصراعات السياسية، والحرص إلى إعادته إلى مشهديته الجامعة التي هي من أهمّ مظاهر عِزَّة المسلمين".
ودعا إلى "ضرورة مراعاة الخطاب الديني لمشاعر العامَّة من النَّاس، الذين ما إن يخرجوا من صدمة حتى يُصابوا بأخرى، وحتّى لا يكونوا عرضة لاستغلال الفئات المتطرّفة من الأمّة، أو الذين يهمّهم اللعب على طهارة نوايا النَّاس لاستثمارها في أي مشروع مصلحي لا علاقة له بمصالح الإسلام والمسلمين"، مشير الى أن "تأثير الخطاب الفكري والثقافي أوسع تأثيرًا من الخطاب السياسي؛ ولذلك ينبغي أن نتحرّك في الخطوط الوحدويّة التي لا تغرق في مفردات الحاضر بقدر ما ترصد المستقبل في ما تتوارثه الأجيال من سابقاتها".