عادت ظاهرة سرقة الأسلاك الكهربائية عن الشبكات العامة في منطقتي النبطية وإقليم التفاح إلى الظهور مجدّداً، بعدما تراجعت بعض الشيء بفضل دور القوى الأمنية التي استطاعت، من خلال تحرياتها ودورياتها الليلية، كشف وتوقيف العديد من العصابات الناشطة في مجالها.
وبحسب مؤسسة الكهرباء، تحتلّ منطقة الجنوب المرتبة الأولى في عملية سرقة الأسلاك الكهربائية، التي تشمل أيضاً البقاع، جبل لبنان، الشمال، وبيروت الإدارية، علمًا أنّ هذه العمليات تكثر في الضاحية الجنوبية وتحديداً بين حي السلم والشويفات.
وفي جديد هذه الظاهرة، كشف مصدر أمني في النبطية لـ"النشرة" أنّ مجهولين أقدموا منذ أربعة أيام، وللمرة الثانية في غضون شهر تقريباً، على سرقة أربع خطوط للتوتر العالي تغذّي بلدات ميفدون وشوكين والزوطرين الغربية والشرقية بالكهرباء، الأمر الذي حرم أهالي تلك البلدات من التيار. ولفت المصدر إلى أنّ سرية درك النبطية تمكنت من كشف خيط دقيق تجري ملاحقته، مشيراً أنّ السارقين يقومون بإزالة غلاف الكاوتشوك عن الأسلاك بطريقة فيها إتقان وحرفية.
وكشف المصدر أنّ خطة أمنية وُضِعت لقمع ومكافحة عملية سرقة الأسلاك الكهربائية في منطقة النبطية، تشترك فيها كافة الوحدات الأمنية العاملة في إطار السرية، بالتنسيق مع الجيش والأمن العام وأمن الدولة والمخاتير ورؤساء البلديات وشرطة البلديات التي تستطيع مراقبة تلك العصابات في الأودية والمنخفضات والمنحدرات، خصوصاً أنّ التحقيقات بيّنت أنّ السرقات تتمّ في فترات الليل وتحديداً في مناطق الأودية غير المأهولة بالسكان كالخردلي وطريق تل النحاس ودير ميماس ووادي ميفدون الزوطرين ووادي حبوس عربصاليم ووادي أنصار البابلية.
وفيما لفت المصدر إلى أنّ هذه العصابات تكثر في فصل الشتاء، مستغلّة الطقس العاصف والماطر وخلوّ الطرقات من السيارات، أشار إلى أنّها تمكّنت خلال شهرين فقط من سرقة 5000 كيلوغرام من النحاس من البساتين والأودية بين أنصار والبابلية، كاشفاً كذلك أنّ العصابة التي نفّذت هذه السرقة أقدمت على عزل الكهرباء من المولد إلى الخطوط وقامت بقطعها بواسطة مقص حديدي كبير، وكانت غنيمتها 15 مليون ليرة من خلال بيع كيلو النحاس بـ6 دولارات، علمًا أنّ استقصاء الجنوب تمكّن مؤخراً من إلقاء القبض على عصابة محترفة تضمّ 10 أشخاص سوريين ولبنانيين قاموا بالسرقات بين انان والخردلي والريحان والصرفند والعاقبية.
من جهته، أكد مصدر في مصلحة الكهرباء في الجنوب لـ"النشرة" أنّ هذه العمليات تكبّد المؤسسة خسائر فادحة وتحرم المواطنين من التغذية بالتيار لأيام عدّة حتى تتمكّن المصلحة من إعادة تركيب خطوط جديدة، لافتاً إلى أنّ المؤسسة تلجأ في كلّ مرّة إلى القضاء والقوى الأمنية من خلال تقديم دعاوى وشكاوى.
وإذ شدّد المصدر على أنّ القوى الأمنية تقوم بدورها في ملاحقة تلك العصابات، أشار إلى أنّها مترابطة إلى حدّ ما مع بعضها، ولكنّ رؤوسها لا تعرف بعضها حتى لا تنكشف بسهولة. ولفت إلى أنّ المؤسسة خسرت خلال شهرين 8500 متراً من الاسلاك الكهربائية عن طريق سرقتها في الجنوب وعكار وعاصون وبرجا وغيرها.
أما عضو قيادة حركة أمل في الجنوب وابن بلدة ميفدون الدكتور محمد توبي فلفت، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنّه، وبعد اتصالات قام بها النائبان هاني قبيسي وياسين جابر ورؤساء البلديات مع رئيس مصلحة الكهرباء في محافظة النبطية المهندس علي عز الدين، تمّ الإيعاز إلى إحدى الشركات لتركيب خطوط جديدة مكان التي سُرِقت. وطالب القوى الأمنية بأن تكشف العصابات السارقة، والقضاء بمعاقبتها حتى تكون عبرة لكلّ من تسول له نفسه التطاول والاعتداء على الأملاك العامة.
هي ظاهرة قديمة جديدة إذاً، تتراجع تارةً وتعود للظهور تارةً أخرى، والمواطن كالعادة من يدفع الثمن. فهل تضرب أجهزة الدولة بيد من حديد وتضع حداً لهذه التعديات، لمرّة أخيرة؟!