تقع مدينة جبيل على شاطئ البحر وتعدّ متحفاً للحضارات فريداً من نوعه، إذ تختصر في شواهدها الأثرية نحو 8 آلاف عام من التاريخ خصوصاً وأنها من اقدم المدن في العالم، وهي واحدة من المواقع الأثرية القليلة جداً التي تتمثل فيها الحقبات التاريخية المختلفة، وصولا الى يومنا هذا.
بنيت قرية جبيل القديمة على تل يهيمن على البحر تتصل بالميناء، والّذي لا يزال يستخدم حتى اليوم للصيد. يحيط بالمدينة العديد من الأسوار، والتي ترجع تواريخ أقدمها إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وبفضل الحفريات المتعددة، تم اكتشاف الكثير من الآثار التي تعود إلى عدة أجيال وتتعلق بحضارات مختلفة. من بين اكتشافات علماء الآثار، تم إبراز مركز قرية للصيادين بنيت ما قبل الألف الرابع ومنذ ذلك الحين، تلاحقت المرافق والإنشاءات وفي بداية الألفية الثالثة، بدأ تحول القرية الى مدينة مع شوارعها وبنيتها التحتية.
من يقصد المدينة ليتمشّى في أسواقها أو حتى ليتنشّق هواء البحر العليل لا يمكنه إلا أن يمرّ على متحفها الأثري وهو واحد من المعالم التي تتميّز بها. هذا المتحف الذي يعود عمره الى مئات السنين، وهو بحسب المسؤولة عن موقعي جبيل وجبل لبنان في وزارة الثقافة-المديرية العامة للآثار تانيا زافين يعرض "صورة عن الأعمال التقنيّة في المدينة منذ ما قبل التاريخ حتى القرون الوسطى، بلوحات تفصيليّة وقطع أثريّة مطابقة لكل فترة، إضافة إلى لوحات عن الحياة اليومية للسكان القدامى، وهو اليوم يتمتع بأهميّة كبيرة لاننا اردنا أن نعرض فيه الأشياء التي استخرجت من الحفريّات الأثريّة في جبيل عام 1924 وحتى عام 1975". وتلفت عبر "النشرة"، الى أننا "وضعنا في المتحف حوالي ثلاثة وخمسين قطعة أثرية جديدة شبيهة بتلك التي سُرِقَتْ منذ عامين، بشكل أن الزائر الذي يزور المكان لن يتمكّن من التفريق بينها وتعود الى فترة منذ ما قبل التاريخ الى الحقبة البيزنطية، إضافة الى قطع عثر عليها في الحفريات الحديثة لاسيما في موقع المقابر الرومانيّة حيث وجدت زجاجيات وأساور وضعت كلها في واجهات".
تعرض القطع الأثرية في المتحف في زجاجيات لا يمكن لمسها لأنها تحتوي على أجهزة إنذار تمنع سرقتها كما حصل قبل عامين بحسب ما تؤكد زافين، لافتةً الى أن "في المتحف تقنيّات متطوّرة وضعت حديثاً تسمح للزائر وعبر إستعمال نظارات ثلاثية الأبعاد مقدّمة من الجامعة الأميركيّة بإجراء جولة بواسطة الكومبيوتر على المسرح الروماني ومعرفة كيف كان في الأساس قبل إنشائه في القرن الثالث ميلادي". وتوضح زافين أهميّة استعمال التكنولوجيا الحديثة للتواصل مع الزائر عبر استعماله للهاتف الذكيّ إذ يكفي شبكه بإحدى اللوحات التفسيرية ليشاهد ويقرأ المزيد من المعلومات حول الموقع.
يعتبر متحف جبيل الأثري من أهمّ المواقع التي أعيد افتتاحها بحلّة جديدة، فهل تساعد التقنيات المتطورة والمستخدمة فيه على تحفيز السياح على زيارة هذا المَعْلَم التاريخي؟!