افادت معلومات لصحيفة "الجمهورية" أنه وخلال تحليل عملية القاء القبض على القياديان في تنظيم "داعش" طارق الفليطي الذي اوقِف، وسامح البريدي الذي قُتل، أظهرت المؤشرات أمراً لافتاً، هو أنّ مصدر المعلومة الأساسية عن مكان وجود هذين الشخصين كان الشيخ مصطفى الحجيري نفسه الذي كان يحتجز العسكريين المخطوفين لحين نقلهم، وهو لم يخبر الجيش مباشرةً عما يملك في جعبته من معلومات، بل أدلى بها أمام فريق ثالث كان يعلم بأنّه سيوصلها للجيش.
وتقول الفرضيات إنّ سبب إفصاح الحجيري عن هذه المعلومة هو قيامه بحسابات دقيقة جداً، ومحاولته التخطيط لصفقة ما نتيجة قراءته للوضع في سوريا، فهذه العملية جاءت في الفترة التي قيل فيها إنّ "جبهة النصرة" انفصلت عن "القاعدة"، وأصبح اسمها "جبهة فتح الشام" ساعيةً من خلال ذلك الى إظهار نفسها على أنها معتدلة، وأنها ذراع الغرب في العمليات ضد النظام السوري، وبناءً على ذلك قد يكون الحجيري سعى لتسويق نفسه على أنه صورة لهذا الإعتدال. أما الإحتمال الثاني فيقول إنه وفي حال حصول تسوية ما، فإنّ الحجيري يسعى إلى "حفظ رأسه"، كونه متهماً بقضايا وعمليات عديدة، وفي ظلّ قراءته للوضع الإقليمي قد يكون سعى إلى تسليف قيادة الجيش موقفاً معيّناً عبر تسهيل تسليم مطلوبَين مهمَّين ليحمي نفسه في المرحلة المقبلة.
في هذا الإطار، يكشف مصدر معني لـ"الجمهورية" أن "لا علاقة مباشرة بين الحجيري والجيش"، موضحاً أنّ "كشفه للمعلومات جاء عمداً، خصوصاً أنّه حاول في مرة أخرى التلميح الى جهات معيّنة أنها وراء هذا الموضوع". ويؤكد المصدر أنّ "الجيش لن يساوم على دماء شهدائه، وملف الحجيري القضائي سيبقى كما هو، ومهما حاول فإنه لن يغيّر شيئاً في موقف قيادة الجيش منه، لأن لا مجال للتجارة بدماء شهداء معركة عرسال".
ولفتت المعلومات الى ان التحضير لهكذا عمليات يبدأ بعد اجتماع "خلية الأزمة" في مديرية المخابرات، والتي تضمّ مسؤولين معيَّنين عن ملفات محدّدة، يضعون المعطيات المتوافرة لديهم، حيث يتمّ العمل وفقاً لمعايير مؤسساتية صارمة خاضعة للقوانين وتحت إشراف القيادة العسكرية المباشر، والقرار الأخير في تنفيذ أيّ عملية يعود لقائد الجيش ولمدير المخابرات، لأن لكلٍّ منها تداعيات سياسية وأمنية. ويهدف منفّذو العمليات الى توقيف المطلوبين أحياء، أما مَن يُصاب فيُعالج، ومَن يموت يكون قد مات.
وتقول المعلومات إنّ الجيش أصبح يملك داتا كاملة عن أسماء الذين خططوا وحضّروا العمليات وعن الذين نفّذوها، وتُجمع المعلومات عن هؤلاء الأشخاص من خلال شبكات موجودة في كلّ المناطق ومن خلال مواطنين عاديين، حيث يؤكّد المصدر أنّ "البيئة في عرسال أصبحت ملائمة أكثر لعمل الجيش، ولا خوف من تكرار ما حصل عام 2013 مع استشهاد النقيب بيار بشعلاني والرقيب أوّل ابراهيم زهرمان إثر تعرّض دوريّتهما آنذاك لكمين مسلّح، فالبيئة باتت صديقة للجيش علناً، ولا مسلّحين ظاهرون فيها بل البعض ممَّن يتسلّلون الى المخيمات على أطراف البلدة لرؤية عائلاتهم من دون أسلحة، والجيش يتّكل بثقل على أبناء عرسال الذين برهنوا عن دقة في التعاون، والدليل هو تهديد رئيس البلدية ومحاولة اغتياله، فالصورة التي كانت مرسومة من خلال مصطفى وعلي الحجيري ليست صحيحة، والجيش كان يعلم بذلك، لهذا لم يعرّض عرسال في أيّ تصرّف منه للخطر".