تتكرر التسريبات منذ تموز الماضي حول رغبة الرئيس سعد الحريري في احداث استدارة حادّة باتجاه تأييد العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، سعياً الى الخروج من المأزق والعودة الى رئاسة الحكومة التي يعول عليها اليوم اكثر من اي وقت مضى.

وكما يقول المثل «لا دخان من دون نار»، فالخبريات المتكررة عن احتمال حصول مثل هذا الانقلاب ليست مجرد إشاعات بقدر ما تستند الى بعض الوقائع والحقائق التي سجلت منذ حوالى الشهرين عندما نشطت الاتصالات والمفاوضات بين الشيخ سعد و«الجنرال»، وتردد يومها ان هناك تقدما في الاتفاق على صفقة مبادلة بين الرجلين، بمعنى رئاسة الجمهورية مقابل رئاسة الحكومة.

وكما هو معلوم فان العماد عون تسرّع بتفاؤله فأبلغ مقربين منه انه سيكون في قصر بعبدا في 8 آب، وان الامور اصبحت شبه مضمونة ولن يكون هناك مزيداً من الانتصار.

وتبين لاحقاً ان هذا التفاؤل ليست في محله لأن من اعطاه وعداً مبدئياً اصطدم بالفيتو السعودي المفروض على الجنرال حتى إشعار آخر، وبالتالي فضّل الرضوخ للقرار الملكي وعدم تجاوزه.

ومنذ تعلق الحوار بدأ الحديث مجدداً عن مفاوضات غير مباشرة لتحقيق التسوية الرامية الى انتخاب عون رئىساً مقابل الحريري رئيساً للحكومة. وقيل ان هذه المفاوضات شملت بعض الحلفاء لا سيما الدكتور سمير جعجع الذي بدا حذرا للغاية من هذا المنحى رغم تأكيده على الاستمرار بترشيح عون.

وما ان وصلت هذه المعلومات الى بعض الاطراف وتسربت الى الاعلام حتى سارع الرئيس الحريري عبر النائب عمار حوري الى نفي مثل هذه الاخبار، وتكرار الموقف الذي كان قيل ايضا في المرات السابقة.

ويؤكد هذا النفي ان الامور لم تصل الى خواتيمها، لا بل ان الفيتو السعودي لا يزال يقف في وجه مثل هذه التسوية، وان الحريري لم يصل الى مرحلة المغامرة وتجاوز هذا الفيتو.

وبغض النظر عن مصير هذه المفاوضات ومدى جديتها فان الاستحقاقات كلها تبقى في دائرة الانتظار، الصعب والقاتل، لا بل ان تطيير الحوار وتوقف جلسات مجلس الوزراء ساهما في اضافة تعقيدات جديدة على تعقيدات المشهد السياسي في البلاد.

ورغم وقوفه الى جانب مساحة التفاؤل دائما فان الرئيس بري لا يخفي اليوم انزعاجه بل وسخطه من الاوضاع التي وصلنا اليها... وينقل عنه زواره ان الوضع لا يمكن ان يستمر على هذا المنوال في ظل كل هذا الفراغ الذي نشهده.

ويضيف «كان من الافضل ان ينعقد مجلس الوزراء قبل سفر الرئيس تمام سلام الى نيويورك، لكنه لم يقدم على ذلك رغبة منه بعدم التصعيد.

واعتقد ان على الحكومة ان تجتمع وتتخذ القرارات اللازمة من اجل البلد والمواطنين.

وردا على سؤال يقول بري معلوماتي «ان حزب الله سيشارك في جلسة مجلس الوزراء اذا ما دعا رئيس الحكومة اليها، اما اذا لم يدعُ لجلسة فانه يكون يساهم في تعطيل واعدام الحكومة».

ويكرر رئيس المجلس انه مع السلة التي اعلنها في خطاب مهرجان الامام الصدر في صور وانه مقتنع بأنها تؤمن انتخاب الرئيس وانطلاقة العهد الجديد من دون ازمات تذكر.

وحول ما يقال عن اتفاق لانتخاب العماد عون يقول بري «ليس لدي اية معلومات حول مثل هذا الموضوع او حول انتخاب الرئيس في الجلسة المقبلة في 28 ايلول الجاري».

وفي معرض دعوته الجميع لتحمل المسؤولية يقول «خلّينا نشوف وين رايح البلد وكيف الناس عم تعيش، بدلا من المزايدات التي نشهدها اليوم هنا وهناك والتي تزيد الوضع تفاقما».

وردا على سؤال حول الكلام عن تحضيرات التيار الوطني للحر للنزول الى الشارع يجيب الرئىس بري: «هذا من حقه، والشارع يتسّع للجميع، لكن المهم الطروحات».

وفي معرض كلامه عن استمرار شلل المؤسسات يؤكد بري انه بعد بدء الدورة العادية للمجلس في تشرين الاول المقبل، فانه سيدعو الى جلسات تشريعية واذا كان النصاب مؤمنا فان المجلس سيباشر بالتشريع، فهذا المجلس هو الذي ينتخب رئيس الجمهورية بشكل مباشر وهو الذي ينتخب رئيس الحكومة والحكومة بشكل غير مباشر.