لا تزال المؤشرات تدل بأن التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية سيلجآن الى الشارع كخطوة إعتراضية في حال عدم إنتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية في جلسة 28 أيلول المقبل ومن بعدها اذا لم يدرج قانون الإنتخاب بند أوّل أو أساسي أبان الدورة العادية التي تبدأ في تشرين الأول المقبل، وبدا واضحاً حتى حينه ان رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لن يقدم على اي تحرك او موقف إعتراضي او ميداني إحتجاجا على التمديد لقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي لإعتباره أن المشكلة الأساسية هي أبعد من هذه المحطة الدستورية - القانونية عدا أنه لا يريد استعادة أجواء المواجهة بأيّ من أشكالها المتعددة بين الجيش اللبناني وبين القوات اللبنانية بعد أن نجح هو وقهوجي في إنهاء ذيول الزمن الصعب.
أمّا التحرك الذي سيقدمان عليه إعتراضاً على تجاوز التيار والقوات كقوى مسيحية أساسية،. سيما بعد ضرب الميثاقية فإنه حسب الأوساط المواكبة لهذه التحضيرات سيكون حتمياً إذا تم تطيير قانون الإنتخاب وعدم إقرار مشروع جديد يؤمن تمثيلا أفضل للنواب المسيحيين. فكل من عون وجعجع باتا على قناعة وكلّ من زاويته بأن الشريك المسلم لا يعطي للشراكة وزناً بل هو يريد أن يكون شريكاً في القرار المسيحي ومهيمناً عليه، إنما ينظران الى ذلك بنسب متفاوتة. بحيث عون يفصل بين هيمنة رئيس مجلس النواب نبيه بري وقراره الاخير المعادي له وبين حزب الله الذي يأمل أن يكون موقفه أكثر إندفاعاً في إتجاه ترجمة ترشيحه الرئاسي. فيما جعجع يرفض الهيمنة المسلحة لحزب الله على الدولة ولا يقطع شعرة معاوية مع برّي الذي يناديه بالصديق، إنّما نظرة جعجع في عمقها لا تخفي خيبة أمله من الذهنية السنيّة التي تتحكم بالآداء السياسي لتيار المستقبل وتريد التحكم بكل المحطات الرئاسية والنيابية وكأن لا شريحة مسيحية قادرة على إتخاذ قرارها أو مسموح لها ذلك،
وفي المنطق الموحد بين رئيسيّ التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الوزير جبران باسيل وجعجع، إن التجييش الذي يولدانه في البيئة المسيحية من شأنه أن يقرب هذا الشارع تجاههما أكثر،خصوصاً إذا ما حصلت التحركات الشعبية او الإعتصامات التي يحذر منها باسيل بإستمرار لأن من شأنها أن تفرض واقعاً لا يمكن تجاوزه في المستقبل، بحيث يأتي التلاحم بين قاعدتي القوات والتيار يشكل زحما شعبياً بغطاء سياسي لم يعد بالإمكان تجاوزه من قبل الشريك الإسلامي.
ومن شأن هذا الواقع أن يكون شبيهاً بمرحلة إقرار قانون إستعاة الجنسية يوم كانت الإجتماعات بين كل من جعجع والنائب إبراهيم كنعان ومسؤول التواصل والإعلام ملحم رياشي، تحضر لساعة الصفر التي إستدرك نتيجتها رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي أبلغ جعجع عن صيغة تسوية يومها حدت بكل من التياروالقوات بالتراجع عن تحركهما. فثمة قناعة بين باسيل وجعجع أن هذا التحرك يحمل أيضا مفاعيل وقائية لهذه المناطق المسيحية إمتداداً من جزين حتى قضائي زغرتا وبشري. بحيث يشكل هذا التماهي بين التيار والقوات حزام أمان سياسي-نفسي يحصّن هذه البيئة ويجعلها قادرة أن تنأى بذاتها عن مفاعيل الصراع السني- الشيعي إذا ما تفاقم على وقع مسار أحداث المنطقة ولذلك كانت دعوة جعجع الكتائب للانخراط في هذا التحالف الذي له بعد يستدعي انضواء «الرفاق الكتائبيين» بتفاهم سياسي.
ولا يخفي المراقبون بأن كل من باسيل وجعجع باتا في حالة ملحة لبعضهما البعض ليكونا قوى أساسية على الساحة المسيحية أبّان الإستحقاقات. إذ عملياً بات التيار الوطني الحر موزعاً بين فصيل يؤيد باسيل وحالة عونية ومناصرين يقودها بهدوء العميد المتقاعد شامل روكز وفصيل معارض موزع بين داخل التيار وخارجه وينمو يوماً بعد يوم نواته الذين تم فصلهم وطردهم من التيار وبينهم القياديين السابقين كنعيم عون وزياد عبس وطوني نصرالله وآخرين... في المقابل تجد القوات اللبنانية بأنها أمام محك المصالحة مع التيار الذي ذهب بعيدا في دعم مؤسسه وملهمه وان تطلب ذلك عتاباً خليجيا لانه السبيل الوحيد لاستدراك مؤتمر تأسيسي وترسيخ معادلة انتخاب الأقوياء كما اعلن في ذكرى الشهداء وهو ثانيهما بمفهومه بعد عون مسيحيا كما يريد جعجع تحصين ذاته في الانتخابات النيابية لان العودة الى التحالفات مع الحلفاء او مع مستقلين في المناطق شكلت الإنتخابات البلدية مواجهة حادة بينهما بحيث أحرق كل منهما مراكب العودة نحو الآخر. وقد تكون صعبة عليه في حال عدم انسجامه مع التيار ولذلك فانه ايضا بات مطلوبا الحفاظ على الخصوصية المسيحية والبعد المذهبي بالتضامن مع التيار في مواجهة الصراع داخل الصف المحمدي ولذلك فإن هذه الخطة الإنكفائية لهما تتشابه الى حدّ ما مع الصيغة والواقع الذي يعتمده النائب جنبلاط في الجبل تحت سقف الدولة والمؤسسات العسكرية. اذا لم ينتخب رئيس للجمهورية وبقيت الافاق مغلقة على المجهول ويتأكد يوما بعد يوم استمرار الفراغ وما قد يحمله من تهديد للنظام قد يطال المسحيين سلبا ويفاقم الاخطار التي تهددهم.