لم تتأخر موسكو بالرد على الرسالة الأميركية "الساخنة" في دير الزور؛ ثلاثة صواريخ "كاليبر" أطلقتها السفن الروسية كانت كافية لمسح غرفة عمليات تديرها واشنطن في ديرة عزة؛ غرب حلب، وفق ما أعلنت وكالة "سبوتنيك" الروسية، من دون الإفصاح عن مصير 30 ضابطاً قيادياً يشاركون فيها، من تركيا والسعودية وبريطانيا وقطر، إضافة إلى "الموساد"، لإدارة عمليات المسلحين في حلب وإدلب.. في وقت نقل موقع "بيزنس انسايدر" الأميركي عن مسؤول أمني وصفه بـ"رفيع المستوى" في المؤسسة العسكرية "الإسرائيلية"، إشارته إلى قرار "كبير" أُنيط بالرئيس السوري بشار الأسد، أعقب اجتماعاً أمنياً عالي المستوى في دمشق، بعد الغارات الأميركية على القوات السورية في دير الزور، ضم إضافة إلى قادة الصف الأول من سورية وروسيا والعراق وإيران، مسؤولاً أمنياً صينياً، مرجحاً أن يكون الاجتماع أفضى إلى الاتفاق على خطة عسكرية مضادة، "ستكون بمنزلة رسالة نارية قاسية باتجاه واشنطن، تسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية"، حسب توصيف الموقع الأميركي.
الضربة الأميركية باستهداف قوات الجيش السوري في جبل الثردة بدير الزور، والتي صنفتها دوائر القرار في كل من موسكو وطهران بـ"رسالة أميركية من العيار الثقيل"، كمنت خطورتها بتحديد توقيتها على أعتاب الانتخابات الرئاسية الأميركية، والتفافاً على هجوم مباغت ضخم كان يُعده الجيش السوري وحلفاؤه باتجاه جسر الشغور، وخرقت مناورات بحرية مشتركة روسية - صينية ضخمة في بحر الصين الجنوبي، وتزامناً مع حركة لافتة في حاملة الطائرات الصينية في ميناء طرطوس، رصدتها الأقمار الصناعية الأميركية، حسب إشارة المحلل العسكري في صحيفة "أوبزرفر" البريطانية.. والأخطر أن الضربة الأميركية تأتي في سياق المخطط الأميركي الهادف إلى السيطرة على الحدود السورية - العراقية، ما يقتضي البدء بإقصاء أي وجود للجيش السوري في دير الزور، لإبعاده عن المنفذ الحيوي الرابط بين الأراضي السورية والعراقية في القائم والتنف، وبالتالي قطع أي تواصل بين أركان محور المقاومة.
إلا أن حماوة الرسالة الأميركية اتجهت فوراً نحو موسكو، سيما أنها تزامنت مع رصد استخباري روسي لشحنة سلاح أميركية تم إيصالها إلى مسلحي "جيش الفتح" ثاني أيام الهدنة، وفق ما كشفت معلومات وكالة الأنباء الألمانية، ما دفع وزارة الدفاع الروسية إلى الإعلان عن تحضر مجاميع المسلحين لشن هجوم واسع النطاق على حلب، على وقع تقارير ميدانية أشارت إلى خطوات عسكرية أعدتها واشنطن وأنقرة في الشرق والشمال السوريين.. لكن لدمشق وحلفائها رأي آخر!
الباحث العسكري الروسي اندريه اوليتسكي أماط اللثام عن خطة عسكرية هامة أنجزتها دمشق وموسكو وطهران إزاء المستجدات الخطيرة في الجبهات الشمالية والشرقية السورية، مشيراً إلى مشهد ميداني جديد سيطبع تلك الجبهات قبل نهاية العام، فيما كشف المحلل العسكري الأميركي روبرت آلان عن وثائق صنفها بـ"المؤكدة"، تشير إلى شحنات ضخمة من الأسلحة باشرت روسيا بإرسالها إلى الجيش السوري في حلب منذ فجر الإثنين الماضي، بينها سلاح نوعي يتم تأمينه للجيش لأول مرة منذ بدء الحرب السورية، لافتاً إلى قرار روسي بدا حاسماً تم اتخاذه في وزارة الدفاع الروسية في السابع عشر من الجاري، يقضي بإقصاء "جبهة النصرة" نهائياً عن المشهد الميداني السوري، بدءاً بتصفية ما تبقى من قادتها، وصولاً إلى "أميرها" أبو محمد الجولاني؛ الخاضع لعملية رصد دقيقة من قبَل أجهزة الاستخبارات السورية والروسية.
معلومات تقاطعت مع ما كانت كشفته تقارير صحافية ألمانية الشهر الماضي، حيث أشارت إلى اختراق استخباري سوري - روسي عالي المستوى لجدار "جبهة النصرة" الأمني، ولهذا الاختراق الفضل الكبير في نجاح الضربة القاصمة التي سحقت قادة الصف الأول في "الجبهة" في الثامن من الجاري في بلدة كفرناها بريف إدلب، على رأسهم القائد العام لجيش الفتح أبو عمر سراقب، والقائد العسكري لـ"النصرة" أبو هاجر الحمصي، وثلاثة قادة آخرين يشكلون جميعاً عماد "النصرة" الرئيسي. ورغم عدم تحديد الجهة التي تقف وراء سحق كامل المجموعة القيادية، إلا أن التقارير أكدت ان مقاتلة روسية هي التي نسفت مكان الاجتماع السري بمن فيه، بناء على إحداثية من الجيش السوري. وإذ كشفت - استناداً إلى معلومات قالت إنها استقتها من جهاز الاستخبارات الألماني - أن رأسي الجولاني "أمير النصرة"، والسعودي عبد الله المحيسني؛ المسؤول الشرعي العام لـ"جيش الفتح"، وضعتهما الاستخبارات السورية والروسية هدفاً للتصفية، لم تُغفل التقارير الإشارة إلى أن الهجوم المُزمع للجيش السوري وحلفائه باتجاه جسر الشغور قد حُددت "ساعة صفر" انطلاقته، وبات وشيكاً، رغم الخطوط الحُمُر الأميركية.
هي رسالة نارية وجهتها واشنطن الى موسكو من جبل الثردة في دير الزور مفادها "هذه حدودنا والسيطرة الخاصة بنا ولن نسمح بأي وجود للدولة السورية في كامل الشرق السوري"، في وقت يتحضّر أردوغان - تركيا لتوسيع "غزوة" قواته باتجاه الباب، تزامناً مع اندفاع باراك أوباما إلى تسديد "هدف ذهبي" في مرمى خصمَيه الروسي والإيراني، عبر انتزاع الرقة قبل انتهاء ولايته، ثمة معلومات "ستُفرمل" طموحات واشنطن وأنقرة في تحقيق أهدافهما، كشفت أن الفرَق الأطلسية التي باتت متمركزة في الشمال السوري، ستكون بمواجهة ضربات "خطيرة" ستقلب الأمور على كامل الأرض السورية، شبيهة بتلك التي سحقت أكثر من 250 قتيلاً من قوات المشاة و"المارينز" الأميركيين في بيروت، وعشرات القتلى الآخرين من القوات الأطلسية التي استُجلبت إلى لبنان بعد الاجتياح "الإسرائيلي" عام 1982، وفق ما نقل صحافي لبناني مخضرم عن شخصية إيرانية قيادية في طهران.