ساهمت عودة رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري الى بيروت بدفع مشاورات رئاسة الجمهورية بعدما كانت مغيّبة عن المشهد السياسي إثر الخلافات الحكومية والتعيينات الادارية، وقد بلغت ذروتها أمس باللقاء مع رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية، حيث كان محط ترقّب وتحليل من قبل الافرقاء والمراقبين، وقد انتظر الجميع نتائج هذا الاجتماع الذي صدر عنه بيان مقتضب لم يحسم الجدل القائم، وترك الباب مفتوحا على جميع الخيارات.
"الحريري سحب ترشيح فرنجية، (رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح العماد ميشال) عون هو مرشح الحريري، الحريري ثابت على دعم فرنجية"، شعارات وتوقعات ضجّت بها وسائل التواصل الاجتماعي تزامنا مع لقاء بنشعي، وقد لخّص الزميل يزبك وهبي ما يحدث بالقول: "العالم ينتظر مناظرة (المرشحين للرئاسة الأميركية هيلاري) كلينتون (ودونالد) ترامب ونحن ننتظر مبارزة (رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال) عون وفرنجية"، مضيفاً: "كلّ واحد همّو عاقدّو". بدورها سألت الزميلة نيكول حجل عمّا إذا كان الحريري أبلغ فرنجية تخلّيه عن ترشيحه لرئاسة الجمهورية.
الإنقسام على وسائل التواصل بين الدعم لعون او فرنجية او دعوة الحريري الى اتخاذ خيار ما، تحول الى إجماع على مصيرية خيارات الحريري بالنسبة الى مستقبله السياسي في هذه المرحلة، حيث دعاه البعض الى عدم "الانتحار" وكتابة نهايته سياسيًّا بقراراته. وفي السياق اعتبر المحلل السياسي ياسر الزعاترة ان "أي صفقة مهما كانت يعقدها الحريري عنوانها "عون رئيسا" هي خضوع مُذلّ في لحظة فارقة. خضوع قد يكتب نهايته السياسيّة، ولو منحوه رئاسة الوزراء"، فيما سأل الزميل طوني ابي نجم "من يثق بسعد الحريري أنه لن يساوم؟"
وتوجهت بعض التحليلات الى حسم تبنّي الحريري لترشيح عون. الزميلة ديما صادق رأت ان "الرئاسة تقترب جدا من العماد ميشال عون. لم يعد يفصله عنها سوى سلّة"، هي السلّة نفسها ربما التي تخوّفت منها الزميلة وعد هاشم بقولها: "بحال تم الاتفاق على تبني ترشيح العماد عون، المقابل للحريري معلوم و محدد سلفاً، و لكن الخوف من سلة بري التي لا يمرّ شيء بدونها". وفيما اعتبرت الزميلة منى صليبا انه "عمليا، الحريري جمّد ترشيح فرنجيه وهذا واضح في البيان"، رأى الزميل جاد أبو جودة في المقابل أنّه "اذا اصر الحريري على تعطيل الرئاسة، فليودع الطائف الذي لا مجال لإطالة عمره وتحسينه بالممارسة الا برئيس يمثل الناس من طينة ميشال عون".
الإمتعاض من الوضع القائم لخّصه الوزير بطرس حرب بالقول: "سنظل ندور في حلقة مفرغة طالما أننا امام خيار اما انتخاب عون واما الفراغ"، وفي السياق قال الزميل منير الحافي "صار مفهوم البعض "عون او لا بلد"! بدورها سألت سارة عساف "مين قال إنو سعد الحريري ما بيقدر يطلع من فرنجية، ومن عون، ويروح على خيار ثالث مثلاً؟"
ما بين توقع ترشيح عون والامتعاض، فريق آخر أمل التمسك بترشيح فرنجية حتى النهاية، وفي السياق قالت الزميلة كريستين حبيب: "الحريري يلتقي فرنجية: على أمل أن تكون زيارة لتجديد الدعم وليس لإعلان التراجع".
في المقابل، كان الإحباط سمة موقف منسّق عام 14 اذار فارس سعيد الذي قال: "بعد اجتماع أقطاب الموارنة في بكركي بهدف "ان نصبح أقوى" تسلّم دفّة انتخاب الرئيس (الأمين العام لـ"حزب الله") السيد حسن نصرالله والحريري، زعماء الموارنة أخطأوا نتعلم"؟ وبعد أن اعتبر أنّ وصول عون الى بعبدا يعني انتصار إيران في لبنان، طمأن من وصفهم بالـ14 آذاريين، قائلاً لهم: "إذهبوا الى النوم العميق. العماد عون لن ينتخب رئيسا وتابعوا أحداث حلب ومناظرة كلينتون-ترامب ولا تضيعوا أوقاتكم".
الجميع بالأمس دار في حلقة مفرغة بإنتظار تصاعد الدخان الأبيض الذي يحتاج للمزيد من الوقت حتى يظهر، ولعلّ المثل القائل "إن حسابات الحقل لا تطابق حسابات البيدر" يعبر كثيراً عن واقع الحال اليوم، وبإنتظار اكتمال لقاءات الحريري، والبحث بسلّة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، تبقى الرئاسة معلقة الى وقت آخر.