«لم تستو طبخة الرئاسة حتى الآن»... هي خلاصة الاجواء والضوضاء التي تشهدها البلاد في الثماني والاربعين ساعة الاخيرة بعد عودة الرئيس سعد الحريري وما حملته من تسريبات وتكهنّات.
اليوم يتكرر المشهد في المجلس النيابي في الجلسة الـ45 لانتخاب رئيس الجمهورية وترفع الى موعد اخر بسب «عدم اكتمال النصاب».
ويقول العارفون ان الحريري لم يصارح احدا بعد عودته الى بيروت بأنه حسم قراره بتأييد العماد عون، لكنه لا يخفي رغبته بالتفتيش عن حل رئاسي في اقرب فرصة ممكنة، خصوصا ان حسم هذا الاستحقاق سيعيده الى السراي.
ووفقا للمعلومات فإن رئىس تيار المستقبل يرغب بعد العودة في اجراء حركة ناشطة باتجاه الاطراف والقيادات السياسية، ساعيا الى التماس كل المواقف قبل اتخاذ الخيار الذي يعتبر انه سيكون محصنا بالتوافق او شبه الاجماع.
وحسب مراجع بارزة فإن الوقائع والاجواء لا تؤشر الى ان الحل الرئاسي بات جاهزا، لا بل ان «المتر الاخير قبل حسم اسم الرئيس يمتد ويمدّ ويصبح طويلا».
ومن المنتظر ان يستكمل الحريري جولته التي بدأها بلقاء فرنجية بعقد اجتماعات مماثلة مع الرئيس امين الجميل والدكتور سمير جعجع والنائب وليد جنبلاط على ان اللقاء مع الرئيس بري يكتسب اهمية خاصة في بحث مثل هذه المسائل الوطنية والعميقة.
وفي المعلومات فإن الرئيس بري كان اتصل بالرئىس الحريري وهنأه بسلامة العودة واتفقا على موعد لاحق.
ويحرص الرئيس بري على عدم الخوض في ما استجد على الصعيد الرئاسي، مكتفيا بأنه تابع ويتابع ما يسمعه ويقرأه في وسائل الاعلام. ويفضل عدم التعليق حول ما قيل ويقال عن موقفه، مشيرا في الوقت نفسه الى ان رأيه معروف وواضح ولا حاجة لتكراره.
وحسب المعلومات التي توافرت لـ «الديار» من مراجع مطلعة فإنه «لا شيء ملموس او بحث جدي حتى الآن في حسم انتخاب رئىس الجمهورية واذا كان هناك من اتصالات جديّة فانها ستكون حول سلة الحل التي تشمل ايضا الحكومة وتشكّلها وقانون الانتخاب».
ووفقا للاجواء المتوافرة ايضا فإن «الطبخة الرئاسية الحقيقية لن تكون بمعزل عن هذه السلة التي تحتاج بطبيعة الحال الى المزيد من المداولات والاخذ والرد».
ويحكى في هذا المجال ان هناك محاولات للبحث في سلة غير تلك التي طرحها الرئىس بري في الحوار، وان مثل هذا الامر يعني مناقشة سلة جديدة وهذا بطبيعة الحال يحتاج الى جهد ووقت اضافيين.
وحسب المعلومات فإن الحريري لم يعد الى بيروت بتفويض سعودي صريح بالسير في تأييد عون، وان الوزير وائل ابو فاعور الذي زار السعودية اول امس عاد من دون ان يحصل على جواب واضح. وعلى حدّ تعبير المصادر انه «ذهب مختار وعاد محتار».
وتضيف المعلومات ايضا ان المشاورات التي بدأها الحريري تحتاج الى شروط داخلية وخارجية وهذا يلزمه الوقت الكافي لبلورة الخيار الرئاسي الحاسم. ولا تخفي المصادر المطلعة بأن مثل هذا الحراك سيليه ما يشبه حركة تفاوضية لأن اي شخص في السياسة لا يمكن ان يؤيد الاخر «لوجه الله» فكل شيء له ثمن.
ومما لا شك ان ما تشهده الساحة السياسية يمكن وضعه تحت خانة المحاولات المبذولة لاستدراك الوقت، خصوصا في ظل التدهور الحاصل وتعطيل المؤسسات والضغوط التي يتعرض لها لبنان على غير صعيد لا سيما على الصعيدين الاقتصادي وازمة النازحين.