لم تكن ليلة أهالي عيتات والمناطق المجاورة هادئة كما تمنّوا، فالحريق الذي اشتعل "عن سابق تصور وتصميم" في مكبّ نفايات البلدة "أقلق" نومهم، وأصاب بعضهم بالاختناق، فالنيران اندلعت في المكبّ الذي يمتد على حوالي 700 متر في منطقة حرجية، دون ان تعرف الاسباب، حسبما يؤكد رئيس بلدية عيتات.
فمنذ سنة ونصف وبعدما سقطت أزمة النفايات كالصاعقة على اللبنانيين عموما وعلى البلديات خصوصا، استحدثت بلدية عيتات مكبا للنفايات على جانب احدى طرق المنطقة التي تمتاز بأحراجها الخضراء الواسعة، والتي هي مقصد للصيادين وللعائلات لقضاء الوقت بين احضان الطبيعة. "امتياز" تحول الى "اشمئزاز" أهالي المنطقة والمناطق المجاورة الذين ارتفعت أصواتهم من ذلك الوضع المزري، بخاصة ان تلك المناطق سكنيّة بامتياز، فلم نسمع من الأهالي خلال جولتنا سوى عبارات "اختنقنا، شي بموّت، ومش وضع هيدا، والدخان غير مقبول ورائحة الزبالة قوية"، ويشير احدهم الى ان "حتى العصافير هربت من القرف".
"نشب الحريق عند العاشرة مساء أمس في المكبّ، فاستدعينا الدفاع المدني واستعنا بأكثر من 10 صهاريج مياه في المنطقة لمحاولة اطفاء النيران"، يقول رئيس بلدية عيتات صلاح التيماني. ويضيف في حديث لـ"النشرة": "عند منتصف الليل أُخمد الحريق في المكب مع استمرار تصاعد الدخان منه، لتعود النار وتندلع صباحا فحضر الدفاع المدني واحضرنا "آلية" لتساعده في تغطية النفايات بالتراب لتسريع عملية اطفائها".
ويرى التيماني ان الحريق مفتعل، كاشفاً أنه استدعى محامي البلدية، "وقدّمنا شكوى ضد مجهول".
وعن "مكبّ الموت"، يشير التيماني الى ان "المكب استحدث على عهد البلدية السابقة من دون رخصة، وبعد استلامنا استمرينا في رمي نفايات المنطقة فيه"، موضحا أن البلدية لم تتوقف عند حد رمي النفايات في تلك البقعة الخضراء انما اخذت قرار انشاء معمل فرز في المنطقة، مؤكدا "أننا زرنا مرجعيات سياسية ومسؤولين كثر في المنطقة لإيجاد حل للمكب لكن دون جدوى، لذا باشرنا ببناء المعمل في أرض تابعة للبلدية بحيث يكون كل شيء صحيًا ولا يؤدي الى تلوث". ويؤكد أن "وجود المكب ليس بإرادتنا وهو موقت"، لافتا الى "اننا عندما ننتهي من بناء المعمل سنعيد المنطقة الحرجية الخضراء كما كانت".
قد يكون مكب عيتات مجرد مشكلة صغيرة في بلد تحوّل كله الى مكبّ كبير، وقد يكون الحديث بكثرة عن مشكلة القُمامة مثل قلّته، فإلى متى ستتحمل سماء لبنان انبعاثات الحرائق السامة من مكباتنا؟