كل المؤشرات والمعلومات تؤكد ان ازمة الرئاسة لم توضع حتى الان على سكّة الحل رغم الاجواء والتكهنات التي واكبت جولة الرئىس ​سعد الحريري​ على القيادات السياسية. ويبدو ان انتقاله الى ترشيح العماد عون بدلا من النائب فرنجية دونه صعوبات وعقبات او ربما الغاز تحتاج الى حلول.

ولعل ابرز هذه الالغاز الغموض الذي يكتنف موقف المملكة العربية السعودية كما يعبر احد الوزراء من الاستحقاق الرئاسي في هذا الوقت بالذات ومن مبادرة رئىس «المستقبل»، فهي اولا لا تضع هذا الموضوع في لائحة اهتماماتها خصوصا في ظل التطورات والمستجدات التي تشهدها المنطقة بدءا من اليمن وما يجري على حدودها. وهي ثانيا ليست في وارد اسقاط «الفيتو» على العماد عون من دون تحقيق مكاسب ملموسة لحلفائها في لبنان.

من هنا السؤال المطروح هل يمكن للحريري ان يقدم ترشيحه لعون من دون ثمن؟ وهل يمكن ان تقبل بأقل مما سعى اليه من ترشيحه لفرنجية؟ الجواب معروف سلفا، الثمن واحد وربما كان المطلوب من عون اكبر واوضح.

وفي سياق متصل يقول العارفون ان الحريري لم يدخل في تفاصيل التفاوض مع عون للاتفاق على الاثمان او مقتضيات تأييده له وانه محكوم في استئخار مثل هذا البحث لمفاتحة القيادة السعودية بنتائج جولته الاخيرة.

وحسب المعلومات فقد ابلغ مقربين منه انه يعتزم ويرغب في الذهاب الى المملكة في نهاية الاسبوع الماضي قبل الزيارة التي ينوي القيام بها لموسكو اليوم. لكن هذا التحرك احيط ويحاط بنوع من السرية والتكتم لاسباب مختلفة، ولم يتأكد ما اذا كان قصد الرياض واجتمع بمسؤولين سعوديين.

وقبل مغادرته بيروت عمم الحريري على نواب كتلته والمسؤولين في «المستقبل» التأكيد على استمرار ترشيح فرنجية، مع الاشارة في الوقت نفسه الرغبة في بحث الخيارات الاخرى التي تؤدي الى انتخاب رئيس الجمهورية.

ويعكس هذا التعميم اجواء وما دار في العديد من اللقاءات التي اجراها مع المسؤولين والقيادات السياسية، حيث ينقل الزوار عن الرئيس بري انه سمع من الحريري انه مازال يرشح فرنجية مع فتح الابواب لخيارات اخرى.

كما ان تعميم الحريري ينطلق من معرفته جيداً بان هناك العديد من اعضاء كتلته وفي مقدمهم الرئيس السنيورة لا يشاطرونه الرأي في الذهاب الى ترشيح عون، لا بل يجاهرون بانهم لن يصوتوا له حتى لو ايده هو شخصياً.

وطالما ان مثل هذا الحراك، الذي واكبه الكلام عن الانتقال الى دفة العماد عون، لم يزل في مرحلة بداية التفاوض بين الحريري والجنرال لماذا هذه الهجمة على ما سمي بسلة التفاهمات التي طرحت اصلا مع بداية الحوار وعلى اساس جدول اعماله ولم يخترعها الرئيس بري لاجهاض المبادرة الجارية.

ويقول امام زواره في هذا المجال ما زلت عند رأيي رغم كل ما قرأت وسمعت من انتقادات وهجومات فاللقاءات الشخصية مهمة لكنها لا تؤدي الى نتيجة، واللقاء المطلوب هو الحوار الوطني الجامع للوصول الى التفاهمات التي تكلمت عنها مرارا اكان بالنسبة لموضوع تشكيل الحكومة في العهد الجديد او بالنسبة لقانون الانتخابات.

واذا ما قيل له انه من الافضل انتخاب الرئيس قبل الاتفاق على السلة يجيب «لا، ليس صحيحا، فالتفاهمات هي التي تسهل انطلاقة العهد الجديد بدلا من ان نغرق في ازمة سياسية كما حصل في السابق. وفي ازمتنا الحالية هناك تعقيد اضافي ضاغط يتمثل باننا ذاهبون الى الانتخابات النيابية فاذا لم نتفق على قانون جديد للانتخاب يمكن ان يطالب البعض بالتمديد، وهذا امر اؤكد للمرة الالف انه لن يحصل وساقف ضده، من هنا الحاجة الى اتفاق على القانون من ضمن التفاهمات التي اؤكد عليها اليوم.

وبالمناسبة، يضيف بري، هناك قواسم مشتركة بيني وبين الجنرال عون حول قانون الانتخابات فنحن نلتقى معا على النسبية، وكنا قطعنا شوطاً كبيراً قبل مقاطعة التيار للحكومة في شأن القانون المذكور واتفقنا على المحافظات الثماني او الخمس على اساس النسبية والتأهيل على اساس القضاء... ويومها طلب من الجنرال ان يقنع «القوات اللبنانية» بهذا الطرح وانصرف انا الى اقناع حزب الله وتيار «المستقبل» والنائب جنبلاط.

وحول ما اذا كان مستعداً للقاء العماد عون يقول الرئيس بري «اهلا وسهلا به، انا استقبل واجتمع مع كل اللبنانيين، وساشرح له اذا ما التقينا موقفي من السلة، واؤكد لها ان التفاهم المسبق افضل وسائل الحل.

وهل هو مع عون او ضده، يجيب بري: «انا لست ضد الشخص، وموقفي واضح هو التفاهم بغض النظر عن الاشخاص اكان العماد عون او غيره».