ارتفع منسوب التفاؤل في الأيام الأخيرة حول انهاء الشغور الرئاسي في لبنان، خصوصاً بعد اللقاء الذي جمع رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون ورئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري. وبات الكلام عن وصول عون إلى قصر بعبدا يُسمع في أغلب المناسبات، رغم بعض العقبات التي بدأت تظهر بين الحين والآخر.
فرغم كل ما يُنقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري حول رفضه لوصول عون إلى بعبدا دون سلة تطمينات، وبعد "حرب السلال" بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وبري، ظهر عون في مقابلة تلفزيونية يوم أمس، موحياً بالثقة بوصوله لكرسي الرئاسة، ومتفائلاً بأن المسافة التي تفصله عن قصر بعبدا هي بضعة أيام.
بدا عون بالأمس على مسافة واحدة من جميع الأفرقاء، ووصف الحريري بأنه "المكوّن السني الأكثر تمثيلاً"، وأكد أن لا مشاكل سياسية مع بري، مجدداً ثقته برئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وبـ"حزب الله". فماذا تغيّر بعد مقابلة الأمس؟ وهل اقترب عون فعلاً من رئاسة الجمهورية؟
فيما يؤكّد الباحث السياسي عادل يمّين، عبر "النشرة"، أن "كلام عون عزّز الأجواء التوافقية حول ترشيحه وأكد الخط الانفتاحي والوحدوي الذي ينتهجه عون"، يعتبر المحلل السياسي طارق ابراهيم أنه "من المبكر الحديث عن رفع او انخفاض حظوظ عون الرئاسية، فهناك وقائع سياسية أخذت منحى تصاعديًا عكس المتوقع خصوصاً في اطار ما يسمى بالسلة المتكاملة".
ويحذّر ابراهيم من "أن هناك بعض الجهات تعمل على ادخال الشيعة بصدام مع الموارنة وبالمبدأ نجحوا بذلك"، معتبراً أن "كلام عون هو رمي بالألغام لأنه يجب التنبه مما يحاك على صعيد العلاقة مع الأفرقاء الشيعة". وبما يخص كلام الراعي، يرى ابراهيم أن "عون لن يذهب بعيداً في استغلال كلام الراعي وهناك من سيدعمه في التوجه نحو "اللاصدام" مع الشيعة والحفاظ على صلة الوصل مع بري"، لافتاً إلى أن "عون يدرك أن أزمته كانت مع السنة في السابق وهو اليوم لا يريد أن ينقل هذه الأزمة إلى الملعب الشيعي".
من جانبه، يشير يمّين إلى أنه "على الأفرقاء تلقّف كلام عون بايجابية وبالتالي على المترددين التخلي عن ترددهم ودعم ترشيح عون لأن حظوظه الرئاسية ارتفعت الآن"، موضحاً أن "الجنرال أكد أن لا خلاف سياسي مع بري وهو يعمل اليوم على التفاهمات السياسية مع كل الأفرقاء". وعن سلاح المقاومة، يتساءل يمّين "هل يمكن التخلي عن سلاح المقاومة قبل الوصول إلى الدولة القوية؟ هل يمكن لأحد أن يعرّي نفسه من مواجهة العدوان"، نافياً امكانية طرح الموضوع اليوم من قبل عون، معتبراً أن "هذا الموضوع يصبح قابلاً للنقاش عندما تصبح دولتنا قوية".
ويشدد يمّين على أن "عون اليوم هو أقرب من أي وقت مضى من كرسي بعبدا فهو يتجه بخطى ثابتة نحوها ولبنان يتجه نحو حدث ميثاقي عبر انهاء الشغور"، ويضيف: "لا اعتقد أن أحداً في لبنان يرغب بتعطيل الحل ومنع اخراج لبنان من ازماته الاقتصادية والسياسية والأمنية".
بدوره، يؤكد ابراهيم أن "الشيعة لا يريدون عرقلة وصول عون للرئاسة بل هم يريدون ضمانات مستقبلية خصوصاً وأن بري لا يشخصن المسألة الا انه حاسم بالمواقف الاستراتيجية فهو يريد ضمانات ووضوح في الرؤية"، معتبراً "ان الشيعة ليسوا بموقف ضعف اليوم كي تفرض عليهم الشروط"، ومشيراً إلى أن "الخط الأحمر اليوم في أي نقاش هو سلاح المقاومة فمن غير المسموح لأي أحد تناوله أو القول بأن "لكل حادث حديث" بل على اي شخص يريد الوصول إلى السلطة أن يؤكد أنه مع السلاح".
ينتظر الجميع خروج الدخان الأبيض من قصر بعبدا، خصوصاً بعدما باتت طبخة حلول الأزمة الرئاسية في نهايتها، فإما أن تنتهي الأزمة قريباً، وإما يؤجل هذا الاستحقاق من جديد وتزداد العقبات في وجهه، فيدخل حينها لبنان في المجهول.