أن يتقلّد صديقي سمير فرنجية اليوم شارة الكوماندور في جوقة الشرف الفرنسية يؤكد لي قناعتي أن فرنسا تعرف وستعرف دائماً ما هو الأفضل في اصدقائها اللبنانيين: قدرتهم على الصمود.
لأن سمير في نظري مرادف للصمود، صمود ارادتنا في العيش معاً، في بناء السلام رغم تاريخ من العنف، وإيجاد التفاهم رغم الانقسامات وفي انجاز المصالحة رغم جميع اسباب المكوث في القطيعة الثأرية.
المصالحة التي يبحث عنها سمير الذي لا يكل ولا يمل منذ قرابة عاماً، ليست سهلة. ليست سطحية ولا آنية. بل هي عميقة، قائمة على الحقيقة، راسخة في الحوار، وهادفة للسماح لبلدنا، عن حق، بأن يبقى الرسالة الموجهة إلى الحضارة والنموذج للمنطقة والعالم. وهي بالتالي مطروحة أكثر من أي وقت مضى.
مقاربته صعبة على الفهم وأصعب على المنال، قائمة على تقمّص الآخر. هذه القدرة أن تكون الآخر في اللحظات الحرجة من الحياة الوطنية لاتاحة فرصة البقاء على قيد الحياة أمام وطن ورسالته. وهي قدرة أمضى سمير حياته يغذيها ويسبر أغوارها. «البيك الإقطاعي المسيحي الماروني اللبناني» هو دائما حيث لا يتوقع له حمضه النووي أن يكون: فهو جعل من تقمّص الآخر قضية شخصية، شبه جسدية!
عندما أتحدث عن فخري بأن أحسبه صديقاً لي، تساورني عادة مقولات لنيلسون مانديلا، رمز الحقيقة والمصالحة. لكنني أختار مقطعاً من كتاب سمير نفسه، «رحلة إلى اقاصي العنف» حيث القراءة الأدق التي صادفتها لاتفاق الطائف: «إن العيش معاً هو في مكان آخر. لا يرتكز على التقاسم إنما على الرابط، الرابط الذي من شأن كل فرد أن يقيمه بين انتماءاته المتعددة والرابط الذي من شأنه أن يقيمه مع الآخرين. إن هذه العلاقة مع الآخر ليست فقط حاجة تفرضها الحياة في مجتمع متنوع، بل هي شرط ذاتيتنا الشخصية. لا وجود لنا إلا عبر الآخر. هو يكوننا بنفس ما إننا نحن نكوّنه. وهذا الرافد الخارجي يزداد ثراءً بقدر ما يزداد الآخر تنوعاً».
أيها الكوماندور سمير فرنجية، لتكن تعليماتك مسموعة لوقت طويل!