فيما بقيت اعصاب اللبنانيين وأنفاسهم وأنظارهم مشدودة على ما ستسفر عنه اللقاءات والاتصالات الجارية لانتخاب رئيس للجمهورية بعد فراغ طويل، بدت اعصاب عضو اللجنة المركزية في حركة "فتح" المفوض العام للساحة اللبنانية عزام الأحمد "هادئة"، إذ دلّت حصيلة اللقاءات التي اجراها مع المسؤولين اللبنانيين وتحديدا الامنيين، على مدى الثقة المتبادلة بين الجانبين، والتي اثمرت تعاونا وتنسيقا لافتين، ما قطع الطريق في كثير من المحطات المفصلية على توتير أمني او تفجير ارهابي او اقتتال داخلي او فتنة.
الاحمد، الذي صارح المسؤولين اللبنانيين بتعقيدات الملف الفلسطيني في الداخل وسط مشهد اقليمي ملتهب تتقاذفه كرة نار بعيدا عن اي حوار وضغوط دولية في اصطفاف محاور، والنجاح في منع انعكاساته على الساحة اللبنانية، سمع من المسؤولين اللبنانيين ما يطمئن الجانب الفلسطيني الى حسن التعاون ما يؤشر الى اهمية السير قدما نحو خطوات اخرى تكسر النظرة الامنية حيال الواقع الفلسطيني وفتح الباب على "أنسنة المخيمات"، على اعتبار انه لا يمكن الفصل بين الامن السياسي والامن الاجتماعي، فيما الاف اللاجئين يئنون تحت وطأة الفقر المدقع والمعاناة الاقتصادية والبطالة، ما يسهل استدراجهم واستغلالهم في اجندة غير فلسطينية قد تسيء الى عنوان المخيمات نفسها قبل الامن الوطني اللبناني.
وتؤكد مصادر فلسطينية لـ "النشرة" ان مهمة الاحمد في لبنان تشعبت الى ثلاث ملفات، اولها المشاركة الرسمية باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن" في الاحتفال التأبيني الذي أقامته السفارة الفلسطينية في بيروت، لمستشار الرئيس السياسي نمر حماد، الذي وافته المنية في احدى مستشفيات لبنان وقد كان له دور بارز في فتح ابواب الدول الغربية امام تفهم عدالة القضية الفلسطينية انطلاقا من مهمته السابقة كسفير في روما.
وفي المهمة الثانية والابرز، كانت جولة زيارات الى المسؤولين اللبنانيين حرص الاحمد على القيام بها بكل الاتجاهات برفقة سفير دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور وأمين سر حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" فتحي ابو العردات وشملت كبار القيادات الأمنية في البلاد، على قاعدة التلاقي مع الجميع والحياد الايجابي وعدم التدخل في الخلافات، وكانت الاوضاع الامنية في المخيمات محور المباحثات على ضوء العملية النوعية التي نفذتها "قوات النخبة" في "مديرية مخابرات" الجيش اللبناني في "حي الطوارئ" واعتقال امير داعش عماد ياسين.
ونقلت أوساط "فتحاوية" مسؤولة عن الاحمد لـ النشرة"، انه كان مرتاحا للقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين الذين اشادوا بجهود القوى السياسية الوطنية والاسلامية الفلسطينية في تحصين امن المخيمات والجوار اللبناني، والذين ابدوا حرصا شديدا على تعزيز التعاون والتنسيق المشترك للمحافظة على الامن والاستقرار في لبنان والمخيمات الفلسطينية على حد سواء، وسط اطمئنان بان "اوضاع المخيمات مستقرة أكثر من ذي قبل وقد ان الاوان للتقدم خطوات باتجاه "أنسنة المخيمات" كي تتكامل الجهود في قطع الطريق على اي استغلال لتنفيذ اجندة غير فلسطينية"، ملمحة الى تفاهم على اهمية عدم اراقة دماء، معتبرة ان الخطوة كانت مدروسة بعناية، على قاعدة درء الخطر دون استخدام القوة الا اذا اضطر الامر، مشددة على اهمية تفادي الوقوع في اي فتنة يسعى اليها بعض المتربصين شرا بالمخيمات، معتبرة ان عملية تسليم المطلوبين لانفسهم طوعا الى الجيش اللبناني خطوة في الاتجاه الصحيح لمعالجة هذا الملف الذي بقي شائكا فترة طويلة من الزمن، ولتفكيك بعض "الالغام الموقوتة" وهي تريح الاوضاع الامنية ما ينسحب على الامن اللبناني.
في المهمة الثالثة "الفتحاوية" الداخلية، ترأس الاحمد اجتماعا موسعا لاعضاء قيادتي الساحة والاقليم الفتحاوية في مقر سفارة فلسطين في بيروت وضعهم في تفاصيل التحضيرات الجارية لعقد المؤتمر العام الحركي السابع في 29 تشرين الثاني في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، ناهيك عن ضرورة الحفاظ على أمن واستقرار المخيمات والجوار اللبناني وقطع الطريق على اي محاولة للتوتير والاقتتال والفتنة.
وأوضحت مصادر فلسطينية لـ "النشرة" ان الترتيبات لعقد المؤتمر الحركي العام جارية على قدم وساق وستشمل مشاركة مختلف الاقاليم، حيث من المقرر ان يعقد في مقر المقاطعة في رام الله.
في الخلاصة، نجح الأحمد في طمأنة المسؤولين اللبنانيين على استقرار المخيمات، وأعطى "الضوء الأخضر" للمزيد من الجهود للسير نحو "انسنة المخيمات"، على امل ان يتجاوز لبنان محنته الكبرى بانتخاب رئيس الجمهورية واعادة احياء مؤسساتها، وبالتالي بدء حوار جدي ومسؤول بين الطرفين على قاعدة الحقوق والواجبات.