في خضم الصدمة التي تسيطر على المجتمع اللبناني على خلفية الجريمة التي وقعت في منطقة عشقوت، حيث أقدم المؤهل في الأمن العام طوني عبود على قتل 4 أشخاص (جان حب الله وزوجته ايزابيل وابنهما جان بول وانطوان الشدياق الذي صادف وجوده في المكان)، بسبب إنزعاج عائلته من كلب، في حين يبدو أن الأمور لا تتوقف عند هذا الحد، بل أن هناك خلافات ومناكفات سابقة بين الجيران.
في هذا السياق، حصلت "النشرة" لتسجيل صوتي يعود لأحد أبناء شقيقة جان بول، حيث يشير المتحدث، الذي على يبدو في سن المراهقة، إلى أن أحد الجيران لديه مرض لا يعرف ما هو، أقدم بسبب خلاف مع خاله حول الكلاب على إطلاق النار عليه وعلى جده وجدته وأحد الجيران، الذين كانوا يعملون على التهدئة، ويضيف: "بقينا بالبيت وحدنا أنا وأخواتي ما منعرف شو بدنا نعمل، تخبينا بالغرفة حتى وصلوا بيي وأمي وما خلوهون يطلعوا لعنا.. هلق لشفت بيي أنا".
وفي حين يتم التداول بالعديد من المعلومات الجديدة حول هذه القضية، أبرزها وجود خلافات قديمة بين الجيران وأن عبود يعاني من مرض نفسي، أكدت مصادر متابعة لـ"النشرة" أن زوجته غادرت منزلهما برفقة أولادها، لكنها لم تستطع الجزم بالنسبة إلى طردها من المدرسة التي تعمل بها في عجلتون، حيث تشير إلى أنها قد تكون في إجازة مؤقتة.
على هذا الصعيد، يكشف زوج ابنة الشدياق جورج غانم الذي يسكن في المنطقة نفسها، عبر "النشرة"، أن الصدمة لا تزال تسيطر على الجميع من واقع هذه المجزرة، ويشير إلى أن وجود عمه في المكان يعود إلى نخوته، حيث نزل عند سماع صراخ الجيران لحظة الخلاف، ويؤكد الحديث عن وجود خلافات سابقة بين عبود وحب الله حول موضوع الكلاب، ويضيف: "لو كان هناك من كاميرات في المكان كانت ستظهر مختلف تفاصيل المجزرة لكنها ليس موجودة".
وفي حين يؤكد غانم معرفته بالجاني حيث كانا يلتقيان عن طريق الصدفة بحكم الجيرة، يلفت إلى عدم ظهور أي عوارض مرض لديه بحسب ما كان يرى، على عكس المعلومات التي جرى التداول بها، ويؤكد أن عبود كان بغاية التواضع وليس عدائياً، ويضيف: "حتى الساعة لا نستطيع أن نصدق أنه قد يقدم على مثل هذه الجريمة"، ويتابع: "لا يمكن الحديث عن حالة دفاع عن النفس، لأن إطلاق النار كان كثيفاً، وكل جثة مصابة بعدد من الرصاصات".
في تعليق على هذه الحادثة، يوضح الأخصائي في علم النفس العيادي الدكتور نبيل خوري، في حديث لـ"النشرة"، أن هذه الجريمة لا تزال قيد التحقيقات، وبالتالي هناك صعوبة في التكهن بالدوافع، لكن يشير إلى أن النزوع العنفي يلحظ عبر نوبات تحصل من وقت إلى آخر، إلا أن هذا لا يعني وجود مرض نفسي يجعل الإنسان غير قادر على القيام بعمل منتج، وبالتالي لا تلغى عنه المسؤولية عن أفعاله، إلا أنه يلفت إلى أنه بحال كان الإنسان غير مدرك لما يقوم به أو يعاني من خلط بين الواقع والخيال يصبح مستحقاً لأسباب تخفيفية.
ويشير الدكتور خوري إلى أن الشحن والإجهاد الفكري والتراكمات والخلافات المستديمة هي من محفزات القيام بعمل عنفي، لكنه يعتبر أن المشكلة هي في حال كان الجاني قد قام بأمور أخرى سابقة وبقي في موقعه، وبالتالي الجريمة قد تكون ناتجة عن نوبة غضب سريعة يعجز الإنسان عن كبحها أو عن سابق تصور وتصميم، ويوضح أنه في الحالة الأولى تتعزز حوافز الأذية وتضمحل الروادع، ويضيف: "هنا تكون تلعب التربية ومستوى التعليم القدرة على الردع أو الكبح، أما في حال كانت ضعيفة فمن الممكن الإقدام على أي عمل دون حسبان".
بالنسبة إلى تكرار هذه الأفعال في الفترة الأخيرة، يشير الدكتور خوري إلى أن الأمر يعود إلى أن الأحكام في بعض الأحيان تكون باحثة عن تسويات، ويعتبر أن المجرم يجب أن لا يشعر بأنه مدعوم أو قادر على الهروب من جريمته، وبالتالي يجب أن يعاقب كي يكون مثالا لغيره.
في المحصلة، هي جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة من الجرائم البشعة التي تقع في المجتمع اللبناني، تطرح حولها العديد من علامات الإستفهام حول كيفية وصول الأمور بين جيران إلى هذا الحد من العنف.