كثيرة هي الحقائق التي كشفها بدء معارك تحرير الموصل من سيطرة "داعش" الإرهابي، وتخليص أقسام من حلب من سيطرة الإرهاب التكفيري:
فقد تكشفت حقيقة الأطماع التركية الأردوغانية في الموصل، التي اعتبرها أنها كانت ولاية من بلاده، وفي حلب التي التي سبق للتركي أن اغتصب منها بتسليم مباشر من الاستعمار الفرنسي لواء اسكندرون.
ثمة حقيقة هنا، وهي أن "داعش" ما كانت لتقوم وتمتد وتسيطر على مساحات واسعة من العراق وسورية لولا مدّها بكل أسباب القوة والحياة من السلجوقي الطوراني رجب طيب أردوغان، فهو وفّر لها بواسطة أجهزة استخباراته، المعسكرات التي وصل إليها "الداعشيون" من كل رياح الأرض، ووفر لها بمساعدات مباشرة من أجهزته الأمنية الدخول الواسع والانتشار إلى سورية والعراق، وجنى مع نجله بلال المليارات جراء تجارته مع التنظيم الإرهابي بالنفط المنهوب من البلدين، والمسوَّق عبر الموانئ التركية.
والمفارقة هنا، أن السلجوقي أردوغان يتخفى وراء إصبعه بالتدخل في الموصل وتمركُز قواته كقوة احتلال في معسكر بعشيقة، وبذريعة مواجهة الأكراد وداعش في الشمال السوري، وكشفت فضيحة الدخول إلى جرابلس الحلبية حقيقة التدخل الأردوغاني "الداعشي"، حيث اعترف الإعلام الدولي بأن الدخول إلى جرابلس لم يكن سوى عملية تسلم وتسليم بين قوات ومخابرات تركية تحت اسم ما يدعى "الجيش الحر"، و"داعش" التي أخلت مواقعها دون إطلاق رصاصة، على أن الأخطر هنا ما ذكرته بعض رسائل الإعلام العالمية؛ أن عملية جرابلس والانسحاب إلى منطقة الباب، هما مجرد تسلم وتسليم بين "داعش" و"داعش"، حيث بدّل الإرهابيين ملابسهم "الداعشية" وأعلامهم تحت إمرة وإشراف ضباط أتراك.
وهنا يطرح السؤال عن حقيقة محاولة الانقلاب الذي حصلت في تركيا، وما جرى من حديث طويل بشأن نوع من الشراكة التركية – الروسية والتركية – الإيرانية، حيث تبين أن هناك تفهماً أميركياً للدور التركي، وقد بدا ذلك جلياً في حرص واشنطن على الدور التركي لأنه يصب في النتيجة في إطار المشروع الأميركي الذي يقوم على استنزاف كل المحور المعادي لها وللدولة العبرية، وبالتالي ثمة حديث واسع عن محاولة أميركية لتجميل الجماعات الإرهابية، بدأت في مشروع "جبهة النصرة" التي غيّرت اسمها، وهي الآن في طور تجميل "داعش" وتحويلها إلى نوع من "جيش حر" كما جرى في جرابلس.
وإذا كان صار واضحاً ذلك، فإن الحقائق التي أخذت تتكشف عن دور تركيا والسعودية وقطر والولايات المتحدة بتوليد "داعش"، ولم تعد المحسّنات تستطيع تغطيتها، فبعد اعتراف هيلاري كلينتون بخلق "داعش"، اتهمت وثائق "ويكيليكس" الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باستخدام تنظيم الدولة «داعش» لابتزاز دول المنطقة، خصوصاً دول الجوار.
وقالت التسريبات التي نشرت نسخاً من البريد الإلكتروني لـ"حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، إن إردوغان استغل التنظيم لتهديد العراقيين.
كما أرسل الرئيس التركي وفوداً إلى بغداد للقاء رئيس الوزراء حيدر العبادي، وإلى أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، للقاء رئيس الأقليم الكردي مسعود برزاني، لمساومتهما على مساعدته ضد الأكراد، مقابل كبح جماح "داعش".
وتعكس الوثائق حجم التعاون والتنسيق الذى كان يدور في الخفاء بين أردوغان وتنظيم "داعش"، وتؤكد جميع المعلومات السابقة بشأن تورط النظام التركي في علاقات مشبوهة مع الإرهابيين، وأنه سبب رئيسي في الحرب في سورية ونجاح «داعش» في احتلال ثلث العراق تقريبا وإعلان قيام خلافته المزعومة.
كما قايض الرئيس التركي نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأرسل مسؤولين عسكريين لإجراء مفاوضات معه في دمشق، من أجل منح "الإخوان المسلمين" حصة من الحكم في سورية، مقابل القضاء على المعارضة المسلحة.
ويتضح أيضاً الدور الأميركي والسعودي في ولادة "داعش" من خلال ما كشفه مصدر عسكري دبلوماسي في موسكو، أن واشنطن والرياض اتفقتا على تمكين مقاتلي "داعش" من الخروج الآمن من الموصل قبل بدء التحالف الدولي معركة استعادة المدينة، بهدف نقلهم إلى سورية.
ونقلت وكالة "نوفوستي" عن المصدر، أنه و"في إطار الاستعدادات لتنفيذ عملية تحرير الموصل، توصلت الاستخبارات الأميركية والسعودية إلى اتفاق يتضمن الاقتراح على جميع المسلحين في الموصل طريقاً آمناً للخروج من المدينة مع عائلاتهم. وفي أثناء اقتحام المدينة، سيوجّه طيران التحالف ضرباته على المباني الفارغة داخل المدينة المتفق عليها مسبقاً مع المسلحين".
وقال المصدر إن الخطة الأميركية - السعودية تشمل نقل مقاتلي "داعش" من الموصل إلى سورية؛ "أكثر من 9 آلاف من مقاتلي داعش سيتم نقلهم من الموصل إلى مناطق شرقية في سورية، لإشراكهم في عملية هجومية كبيرة تدخل ضمن أهدافها الاستيلاء على مدينتي دير الزور وتدمر".
وكشف أن رئاسة الاستخبارات العامة السعودية تولت دور الوسيط والضمان للاتفاق مع مقاتلي "داعش" حول إخراجهم من الموصل، مشيراً إلى أن عملية بهدف مماثل نفذت خلال استعادة مدينة الفلوجة العراقية في حزيران الماضي، لكنها فشلت بشكل ذريع.
ورجّح المصدر أن نقل الإرهابيين من الموصل إلى سورية يهدف إضافة إلى تحقيق مكاسب سياسية، إلى إضعاف الثقة بإنجازات القوات العسكرية الفضائية الروسية في محاربة الإرهاب في البلاد، والتقليل من أهميتها، وتقويض موقف الرئيس بشار الأسد.