لن يمر يوم 31 الشهر دون إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، في ظل المواقف التي يطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري، والمناخ الضاغط المخيم على الإستحقاق الرئاسي. بحيث باتت القوى السياسية تعتبر ان جلستي الانتخاب قد تحملان أفخاخاً دستورية، تؤدي الى قطع الأمتار الأخيرة أمام دخول عون الى بعبدا. وتستند أوساط في قناعاتها هذه الى كلام امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله لعون، الذي رافقه جبران باسيل يومها، حيث اوضح نصر الله لحليفه بأن فوزه الرئاسي هو بمثابة إنتصار يوازي إنتصارات عدة حققها الحزب في حروبه ضد إسرائيل، وضد الإرهابيين في سوريا، وأنه تمنى على بري عدم إرجاء موعد الجلسة وعدم وضع عقبات تعيق وصول عون الى رئاسة البلاد، حتى لا يحسب على الثنائي الشيعي بأنه أحبط وصول الرئيس المسيحي القوي الى بعبدا.
لكن انتخاب عون في كفّة، وعهده في كفة أخرى، في حسابات حزب الله الإستراتيجيّة، حيث ان ثقة الحزب بموقف عون من المقاومة، يجب ألا تسقطها التركيبة الحكومية على ما تقول أوساط مقربة من حزب الله، اذ ان محاولات النيل من الحزب ودوره لم تتوقف من الداخل اللبناني، ولا سيما من جانب الذين رشحوا عون الى الرئاسة، ولذلك فإن الضوابط المطلوبة داخل الحكومة، هي واقع لا تتخلى عنه قوى الممانعة، واولها الثلث الضامن، الذي سيكون شرطاً أساسياً للثنائي الشيعي لدخوله الحكومة، على ان يكون بري هو قائد «اوركسترا» المعارضة من داخل الحكومة وفي مجلس النواب.
وتلفت الأوساط المقربة من الحزب، بأن إنتخاب عون حليف المقاومة، لا يعني إسقاطاً لصيغة الثلث المعطل، تحسباً من ان يتذرع بهذه السابقة يوماً الرئيس سعد الحريري، في تشكيل حكومات لاحقة او اي خلف له في ظل عدم وجود رئيس حليف للحزب على غرار عون.
وتشدد الأوساط على ان حزب الله يكون الى جانب عون في عهده الرئاسي، بقدر ما يكون الأخير الى جانب المقاومة كما كان دائماً. بحيث اذا ما كانت حكومته ارادت ان تبتعد «شبراً» فإن حزب الله سيبتعد «أمتاراً» عن الحكومة. ثم ان الثنائي الشيعي يرفض أن يكون ذا هوية مذهبية في ظل خلط الأوراق والتحالفات. ولذلك فأن إستكمال الثلث المعطل لتوزير من غير طوائف، ومن بينها الطائفة السنيّة يشكل تعزيزاً لدور وطني في الحكومة وخارجها، عدا ان هذا الثلث يعزز القرار الشيعي في هيكلية إتخاذ القرار اللبناني.
وفي هذا السياق ذكرت معلومات أن عون سيعمل على تشكيل حكومة في اسرع وقت، بدخوله مباشرةً على خط الإتصالات من أجل إنطلاقة سريعة ومنعاً لاستفادة المعارضة من عرقلة إنطلاقته، لاسيما انه يختلف عن غير رؤساء بكونه شريكاَ في السلطة، سواء كانت تشريعية او تنفيذية، عدا عن قوته الشعبية التي مكنته من ان يكون معادلة صعبة لم يتمكن اي فريق من تجاوزها. وبذلك كما كان في موقعه السياسي، سيكون في رئاسة البلاد موجوداً ومؤثراً ومبادراً في اتخاذ القرار وليس في حالة إنتظار لأي توجيهات داخلية او خارجية من اي فريق، بحيث لن يدفعه ابتزاز المعارضة من داخل الحكومة في ظاهرة غريبة على الواقع ان تستهلك عهده الذي رسم له مساره من خلال عدة مواقف ومحطات. إذ يستغرب عون ظاهرة المعارضة من داخل الحكومة في حين ان كل الأنظمة الديموقراطية لا تشمل هذا الواقع، وبإمكان من لديه مآخذ ان يعبر عنها من خلال الساحات المناسبة كمجلس النواب او ما شابه، فالحكومة ستشهد مداورة سياسية على الحقائب، بحيث لا توجد اي وزارة ملكاً لأي طائفة، من أجل تحقيق التوازن والمساواة، في بعديهما السياسي والمناطقي على قاعدة الكفاءة لدى كل فريق.