بين كتلتي "المستقبل" و"اللقاء الديمقراطي"، أكثر من قاسم مشترك هذه الأيام. فزعيم الأولى سعد الحريري تبنى ترشيح رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، ورئيس الثانية النائب وليد جنبلاط، فعلها أيضاً بالأمس بعد زيارة "الجنرال" الى كليمنصو. الحريري يضغط على أقليّة نيابية داخل كتلته تعترض على خياره بهدف الإلتزام والتصويت للعماد عون، وكذلك الأمر بالنسبة الى جنبلاط. أما الأبرز بين القواسم المشتركة التي تجمع الكتلتين فهو عامل شخصي يدفع غالبية النواب المعترضين في الكتلتين الى رفض التصويت لعون لأسباب لا علاقة للسياسة بها.
ففي كتلة "اللقاء الديمقراطي" مثلاً يعترض نائبان فقط على ترشيح جنبلاط لعون وهما فؤاد السعد ومروان حماده. المصادر النيابية تروي أن رفض السعد لرئيس تكتل "التغيير والإصلاح"، يعود الى زمن الحرب، وتحديداً الى اليوم الذي أصيب فيه أحد أفراد عائلته إصابة بليغة بقذيفة، يعتقد نائب عاليه أن مصدرها الجيش اللبناني بقيادة العماد عون آنذاك. أما بالنسبة الى حماده، فموقفه المتشدد من عون يعود الى ما قبل إنتخابات العام 2005 وتحديداً الى الزيارة التي قام بها الى الرابية مفاوضاً العماد عون على عدد النواب المخصّصين له ضمن تحالف 14 آذار. زيارة ترك فيها الجنرال حماده وحيداً في صالون الرابية وخرج الى الباحة الخارجية ليصرح أمام عدسات الكاميرات وبخطاب عالي النبرة، رفضه للعرض النيابي المقدم له من حلفائه في 14 آذار.
في مقلب كتلة "المستقبل"، يبرز اسم رئيس الكتلة النيابية فؤاد السنيورة كقائد لجبهة الأقليّة المعترضة على التصويت لعون. وفي هذا السياق، يروي المتابعون أن السنيورة، وبالإضافة الى تداعيات العهد الرئاسي الجديد على مستقبله السياسي، والكلام العالي النبرة للحريري عن أن الكتلة هي كتلة سعد الحريري، لا ينسى لزعيم التيار الوطني الحر كتاب "الإبراء المستحيل" الذي يتّهم السنيورة بشكل مباشر بسرقة المال العام وبصرف حكومته 11 مليار دولار من دون قطع حساب.
أحمد فتفت نائب الضنية، من المعترضين أيضاً على وصول "الجنرال" الى القصر الجمهوري، وسببه غير السياسي، يعود الى حرب تموز، والى الحرب الإعلامية التي شنّها العماد عون ونوابه ضدّه فيما بعد، على "رواية الشاي" للاسرائيلي في ثكنة قوى الأمن الداخلي في مرجعيون، كل ذلك يوم كان فتفت وزيراً للداخلية بالوكالة.
أما النائب البيروتي محمد قباني، فقصة اعتراضه على العماد عون هي قصة طاقة ومياه، وكرأس حربة في مواجهة وزير الخارجيّة جبران باسيل في كل شاردة وواردة خلال الفترة التي تولّى فيها الأخير حقيبة الطاقة وحتى في عهد الوزير أرتور نظاريان. علاقة قباني الأكثر من وطيدة برئيس المجلس النيابي نبيه بري تجعله أيضاً يتضامن معه في معركة التصدّي لإنتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية.
إذا يلعب العامل الشخصيّ دوراً بارزاً في جعل النواب الرافضين لإنتخاب العماد عون، يتمسّكون برفضهم على رغم تمنيّات وضغوطات النائبين جنبلاط والحريري، فهل يؤدي تمسّكهم برفضهم الى إنفصالهم سياسياً عن تيار "المستقبل" والحزب "التقدمي الإشتراكي" أم أنهم يتركون الإعلان عن التزامهم بما يقرره "البيك" و"الشيخ" الى اللحظات الأخيرة؟