مع انتهاء التكليف والاحتفالات، بدأ العمل الجدي والسريع لتشكيل الحكومة، وهذا ما بدا من خلال جولة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على رؤساء الحكومة السابقين مباشرة بعد تكليفه رسمياً، مع ما يعنيه من انطلاقة صاروخية للعهد الجديد بعد فراغ وتعطيل دام اكثر من سنتين ونصف، خاصة وانه لم يبقَ امام الحكومة العتيدة اكثر من 6 اشهر قبل الانتخابات النيابية المقبلة بظل كل الاثقال التي حملت على ظهرها من مطالب وآمال للمواطنين.
الرقم العالي الذي ناله الحريري بالاستشارات على قدر ما هو ايجابي نظرا للشرعية النيابية الكبيرة بقدر ما هو عامل صعب، اذ ان كل الافرقاء ينادون بحصة في هذه الحكومة، ما يعني ان مهمة رئيس الحكومة العتيدة في مراضاة جميع الافرقاء ستكون صعبة اذا لم تحصل تنازلات من قبل الجميع، لا سيما وان هناك خطوطاً حمراء وضعها الافرقاء، بعد مطالبة القوات علنا بوزارة المالية التي يرفض رئيس المجلس النيابي نبيه بري التخلي عنها، وهي تمثل الامضاء الثالث في السلطة التنفيذية بعد امضاءي الرئيس ورئيس الحكومة، وقد تم الاتفاق في اتفاق الطائف على ان تكون هذه الوزارة من حصة الشيعة.
الغام القوات
المحلل السياسي طارق ابراهيم لفت الى ان التوقعات تشير الى ان هناك الكثير من الالغام سحبت من امام حكومة الحريري، ولكن هذا لا يعني ان الامور المتبقية لا تشكل خطرا على حكومة الحريري، لا سيما بعدما رأينا بعض الالغام تلقى في الطريق لا سيما من قبل القوات، وهي تحاول الايهام ان تفسير خطاب القسم هو غير ما يفسره افرقاء 8 اذار، اي انها تحاول تفريغ البيان من قيمته الحقيقية الجامعة، واعرب عن اعتقاده بان الحريري رد بسعيه لتشكيل حكومة وفاق وطني، ما يعني ان هناك توافقاً كبيرًا بين اغلبية الافرقاء الاساسين الذين ساعدوا في الخروج من الازمة الرئاسية وفي تاييد تكليف الحريري من اجل قيام حكومة وفاق فعلا لا حكومة مازق وهنا الفرق.
واوضح ابراهيم ان القوات اللبنانية تتحدث عن مازق، فيما يعتبر بري وحزب الله وافرقاء 8 اذار انه بمجرد انتخاب عون وتكليف الحريري نكون قد خرجنا من المازق الوطني الدستوري وبدأنا نبحث عن الحلول بمعزل عن تمنيات كل فريق.
المحللة السياسية سكارليت حداد اشارت من جهتها الى ان تشكيل الحكومة العتيدة سيكون بشكل سريع خاصة وان هناك سنتين ونصف ضاعت في الفراغ الرئاسي ولا مجال لتضييع المزيد من الوقت لانه لا مصلحة لاحد بتعطيل التشكيل لا من قبل الرئيس ولا من قبل رئيس الحكومة، لتكون انطلاقة العهد جيدة وايجابية.
وتوقعت حداد ان تكون الحكومة موسعة من 30 وزيرا كي تكون الانطلاقة جامعة وتضم كافة الافرقاء، موضحة ان الحكومة ستكون حكومة توازنات.
تحالفات عابرة للطوائف
طارق ابراهيم اشار الى انه يمكن الافتراض ان الحكومة العتيدة لن تشهد مخاضات عسيرة وان كان هناك تجاذبات حول بعض الوزارات، وهذا هو الاعتقاد السائد منذ الاعلان عن تكليف الحريري بغالبية 112 صوتًا بعد ازالة عراقيل كثيرة منها "الشخصية"، واوضح ان التطمينات في هذه المسالة بدات من خلال تكليف بري بإدارة تخريج الحكومة العتيدة من قبل افرقاء 8 اذار، وهذا يعني ان الامانة بأيدٍ امينة، ومن سحب كل الالغام تقريبا من امام انتخاب عون وتكليف الحريري، لن يألو جهدا من اجل التوصل الى تشكيل حكومة وفاق وطني على غرار ما اعلن الحريري.
سكارليت حداد لفتت الى ان الحريري سيطالب بوزراء مسيحيين والشيعة سيحصلون على وزير سني والرئيس سيحصل على وزير مسلم، ما يعني ان هناك توزيعاً بالحقائب بين الافرقاء.
وفي السياق، اشارت الى ان النائب السابق غطاس خوري سيكون وزيراً مارونيًا في الحكومة العتيدة من حصة الحريري، ومقابله سياخذ الرئيس وزيراً سنيًا، كما انه من الممكن ان تكون حصة رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية من خارج حصة تكتل "التغيير والاصلاح" وستكون محسوبة اما من حصة الشيعة واما من حصة السنة، ورأت انه شيء جيد ان تكون التحالفات عابرة للطوائف. واعتبرت ان البيان الوزاري سيكون مستوحى من خطاب القسم، لا سيما وان الخطاب نال تأييد الجميع.
بإنتظار تشكيل الحكومة وصياغة البيان الوزاري تتجه الانظار إلى حركة اتصالات رئيس الحكومة المكلف وطريقة عمله للخروج بأفضل الممكن بأسرع وقت وبأكبر قدر من الاجماع جوله، كي تكون انطلاقة العهد على قدر التوقعات والامنيات، كي لا يقع اللبنانيون في خيبات جديدة بعد الامال التي علقوها على العهد الجديد بعد فراغ مؤسساتي وتعطيل اكثر من سنتين.