تتنافس القوى السياسية على مختلف انتماءاتها وتلاوينها للدخول الى جنة الحكومة، وهي تتناوب على إيصال طلباتها الوزارية الى المعنيين في فريقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، من دون ان تنسى هذه القوى الإشارة الى دور مزعوم لها في التسوية الرئاسية، وهي تطالب بحصة وزارية تتناسب وهذا الدور.
وبات أحد المعنيين بمتابعة مسيرة التشكيل يتندّر، قائلا لزواره: حيال هذه الشهيّة المفرطة للاستيزار لن يكون لفريقنا مكان في التشكيلة الحكومية العتيدة.
ويشير في هذا السياق الى ان الاتجاه الأكيد هو ان الحكومة الجديدة ستكون من 30 وزيراً تمهيدا لتمثيل معظم الكتل الا الذين لا يرغبون في ان يكونوا ممثلين.
ويرى أن الوزارت السيادية: الخارجية، الداخلية، الدفاع، العدل والمال، لا بد وان تكون من نصيب الكتل النيابية الكبرى، أي "المستقبل" والتيار "الوطني الحر" والثنائي الشيعي.
ولاحظ المصدر ان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع تراجع عن المطالبة بوزارة المال بعد ان أيقن صعوبة هذا المطلب، وركّز على ان همه هو نجاح العهد الجديد وهو سيعمل في هذا الاتجاه.
ويلفت الى ان الجولة المبدئية للحقائب والأسماء بدأت منذ اليوم الاثنين، لكن أيا من الأسماء والحقائب التي تطرح في الاعلام غير دقيقة، لا بل تفتقر الى المنطق والحكمة والتبصّر في الكثير من الأحيان، وتشوبها تسريبات معروفة المصدر وفي غالبيتها تصدر عن طامحين للاستيزار، أو عن افرقاء سياسيين يرغبون بجس النبض. غير أن أحدا من المعنيين بالتشكيلة الحكومية لن يقع في فخ الاستدراج.
ويرى ان الطباخين يعملون بسرعة لكن من دون تسرّع، وبتحفّظ لحماية الطبخة الحكوميّة ولمنع التشويش عليها، متوقعا والحال هذه ان تبصر التشكيلة الحكومية النور قبل عيد الاستقلال، كما انه لا يستبعد ان تصدر التشكيلة بعد تفاهم بين رؤساء الجمهورية والنواب والحكومة، واستبدال أي وزير بوزير آخر اذا قرّر عدم القبول بحقيبته.
في الموازاة، تتحدث مصادر سياسية عن ثوابت تتعلق ببعض الأسماء، في مقدمها حصول تيار "المستقبل" على وزارتي الداخلية (تبقى مع الوزير نهاد المشنوق) والعدل التي ستؤول الى النائب سمير الجسر، وهو طالما كان مرشح "المستقبل" لهذه الحقيبة والتي يراها ضرورية من منطلق مجموعة الاستحقاقات المرتبطة او المنوطة بها، وفي مقدمها المحكمة الدولية الخاصة للبنان، وبت ملفّ الإسلاميين الموقوفين والإسراع في محاكمتهم.
وتشير هذه المصادر الى ان اسماء المرشحين المسيحيين لدخول الحكومة لا تزال غير واضحة المعالم، ما خلا التسريبات القليلة الحاصلة، مثل النائب ميشال فرعون، وعن القوات اللبنانية، عماد واكيم وروي بدارو وغسان حاصباني.
وتتحدث المصادر في هذا السياق عن تحفظ على احد الأسماء المطروحة لوزارة معينة بسبب ملف قضائي يشوب اسمه اثناء تقلّده منصبا رفيعا في احدى الشركات، وهو الامر الذي قد يحول دون تولّيه هذه الوزارة او ربما وزارة اخرى.
اما لجهة التيار "الوطني الحر" فلا تزال الأسماء محجوبة او ضبابية، في حين يتم التداول بأسماء تكنوقراط كالمهندس أنطوان البستاني، وهو خبير مخضرم في الاتصالات وذو باع طويل في الحقل الإعلامي حيث عمل على تأسيس اكثر من محطة تلفزيونية لبنانية وعربية، وهو سبق ان عاصر أربعة وزراء اتصالات وعمل مستشارا لهم، وتابع عن قرب هذا الملف الحساس ووضع دراسات عدة لحلول ممكنة من شأنها اخراج القطاع من التخبّط الذي يشله. كما أنّ له مساهمات في ملف المهجّرين من خلال متابعة ملف عودتهم الى الجبل، ويملك علاقات جيدة مع الحزب التقدمي الاشتراكي، لذا يطرح اسمه لإحدى وزارتي الاتصالات او المهجرين.
في الخلاصة، يبقى أن العبرة في الوصول بأسرع وقت ممكن الى التشكيلة الحكومية لتبدأ بالانتاج، لا سيّما وان المهام الّتي تنتظرها هي كبيرة بعد الفراغ لوقت طويل في سدّة رئاسة الجمهوريّة والشلل الّذي كان يعيق فعاليّة عمل المجلس النيابي وعدم قيام حكومة تمّام سلام بواجباتها خلال فترة حكمها.