تستمرّ معاناة وعذابات أهالي بلدة الكفور الجنوبية التي تأخذ أشكالاً متعدّدة، مع عودة أزمة معمل فرز النفايات على أرضها إلى الواجهة، وهو الذي يديره ويشرف عليه اتحاد بلديات الشقيف، والذي باتت تصدر عنه كمية كبيرة من العوادم تصل يومياً إلى 70 طناً، فيما تقوم شاحنات محملة بالنفايات بنقل نفايات طبية من مستشفيات النبطية إلى المعمل، حيث ترمى بطريقة عشوائية بقربه، ما أدّى لتحوّله لمكبّ عشوائي لنفايات بلديات النبطية.
وقد تمكّن أهالي بلدة الكفور من ضبط شاحنتين محملتين بالنفايات الطبية القتا حمولتيهما في مكب قريب من المعمل، فيما باتت الغازات السامة المنبعثة من هذا المكان المشتعل نتيجة ثاني اوكسيد الكربون تتسبب بحالات اختناق وضيق في التنفس لدى اطفال البلدة ومنهم فاطمة نعمة ابنة الاربع سنوات التي عولجت لدى الطبيب خالد مكي في النبطية.
إزاء ذلك، اعتبرت بلدية الكفور أنّ الكيل قد طفح، وهي تجتمع اليوم، وقد تتخذ قرارا إمّا باستقالة جماعية لعدد من اعضائها وعدم البقاء شهود زور ازاء ما يجري بحق من منحهم الثقة، واما بالعمل الفوري على اقفال معمل فرز النفايات واعتبار ان كل المهل التي اعطيت للاتحاد قد انتهت.
وفي هذا السياق، أوضح نائب رئيس بلدية الكفور انطوان سمعان لـ"النشرة" أنّ الوضع بات مأساوياً، "ولم نعد نتحمّله، خصوصاً أنّ اتحاد بلديات الشقيف يلعب بأعصاب الجميع"، مناشداً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تحدّث عن بيئة نظيفة في لبنان إلى أن ينطلق في مشروعه من الكفور لأنّها تعيش حالة وباء مخيف، مشيراً إلى أنّ الأطفال يدخلون إلى المستشفيات ويعانون من صعوب في التنفس، كما ناشد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، المهتمّ بالبيئة كما وصفه، إلى الايعاز للاهتمام بأمر المواطن في بلدة الكفور.
وفيما تحدّث سمعان عن نيّة لتقصير المهلة التي كانت بلدية الكفور قد منحتها قبل إقفال المعمل أواخر الشهر لأنّ الوضع بات مأساوية، أشار إلى أنّ البلدية لديها تقارير من خبراء بيئيين يقولون ان المفرز يصدر عنه نسبة 70 بالمئة من العوادم، ويجب ان يكون الحد الاقصى 35 بالمئة، لافتاً إلى أنّ معمل الفرز يستقبل يوميا ما بين 150 الى 170 طن من نفايات النبطية وبلديات الاتحاد والعوادم الناجمة عن الفرز اليومي 120 طن من العوادم، والمكب اشتعلت فيه النيران ويصدر عنه اعمدة وسحب من الدخان الذي يؤذي الاهالي والاطفال.
وفيما كشف نائب رئيس البلديّة أنه تم توجيه انذار لفؤاد ياسين الذي حوّل أرضه في البلدة الى مكبّ برغبة من الإتحاد وتمّ منعه من رمي النفايات في ارضه، أظهر بالمقابل عضو البلدية احمد مطر لـ"النشرة" وثائق طبية لاطفال تلقوا تقارير طبية من الدكتور خالد مكي بينهم الطفلة فاطمة نعمة ابنة السنوات الاربع، مؤكدا ان ضبط الشاحنتين المحملتين بالنفايات الطبية يجب ان يكون اخبارا للنيابة العامة وللقضاء للتحرك، كاشفاً عن نيّته الاستقالة من البلدية والتنحي، شأنه شأن أعضاء آخرين في البلدية لأنّ الوضع لم يعد يطاق، كما قال.
وتساء المختار حسين مطر من جهته عمّا إذا كان أهالي أي بلدة مستعدين لتحمّل ما يتحمّله أهالي الكفور من أمراض، ووافقه في ذلك جورج فاضل الذي طالب بأن تتحمل كل بلدية من بلديات الاتحاد تصريف نفاياتها في ارضها وليس تحويل الكفور الى مكب لنفايات منطقة النبطية، وقال محمد سعد ان البلدة أميرة التعايش الاسلامي-المسيحي ولكنّها تتعرّض لمؤامرة، مطالباً الرئيس عون بالنظر إلى عذاباتها.
هي أزمة معمل النفايات في الكفور لا تكاد تنطفئ حتى تعود إلى الواجهة من جديد، فما يتحمّله الأهالي أكبر من قدرتهم، والمطلوب حلّ جذري، وقبل فوات الأوان...