ساعاتٌ قليلة وتُحسَم معركة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية بين المرشحين المثيرين للجدل هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، ولكن تداعيات مرحلة الانتخابات وما قبلها لن تنتهي بسرعة، فالجميع في الولايات المتحدة يُجمع على "فرادتها".
بداية، لا بد من لفت النظر الى ان جميع من التقتهم "النشرة" في جولتها في العاصمة الاميركية واشنطن وفي ولاية جورجيا يجمعون على توصيف الانتخابات بـ"الغريبة" كونها تتم بين مرشحين يفتقدان الى الثقة ويكذبان، وهذا ما سيدفع الكثيرين الى عدم الاقتراع، كما يقول الدكتور في العلوم السياسية شارل بولوك في حديث لـ"النشرة". "ان المرشح دونالد ترامب فرض نفسه على الحزب الجمهوري بالقوة، كون المرحلة الاولى من الانتخابات تتمّ بين أشخاص لا بين احزاب، وبالتالي فإن الحزب الجمهوري وجد نفسه امام مرشح يدّعي الانتماء اليه ولم يملك أي خيار آخر سوى دعمه بعد أن اجتاز المراحل الاولى في الانتخابات"، مشيرا الى ان ترامب يسبب الخوف في نفوس شريحة واسعة من الشعب الأميركي، وفي نفوس الجمهوريين كونه ينوي اعادة رسم مبادئ الحزب الجمهوري. ويكشف أن جهاز الشرطة الفيدرالي الأميركي "أف بي آي" أوقف التحقيق في قضية الرسائل البريدية لكلينتون مبررا قراره بانه لم يجد فيها ما يثير الريبة.
اعتادت ولاية واشنطن ان تكون "ديمقراطية" أي انها في اغلبيتها الساحقة داعمة للحزب الديمقراطي، تماما كما اعتادت جورجيا على الاقتراع لمرشحي الحزب الجمهوري، ولكن آخر احصاءات صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية كانت تشير الى ارتفاع حظوظ كلينتون بالفوز لما يقارب الـ85 بالمئة في كل الولايات. وما هو لافت في هذه الانتخابات هو تبدل المزاج الشعبي بين ليلة وضحاها وذلك يعود حسب بولوك الى عدم الثقة بالمرشحين، أي أن الشعب الاميركي يحاول المفاضلة بينهما من حيث "الثقة" وهو يجد انهما يكذبان وبالتالي تتم الانتخابات هذه المرة على أساس شخصية المرشحين.
يهتمّ الشعب الأميركي بالسياسة الداخلية، فكل ما يأمله من الرئيس المنتخب هو تخفيض الضرائب، ولا يأبه 97 بالمئة من هذا الشعب للسياسة الخارجية للولايات المتحدة وهو باغلب الأحيان غير مطّلع بالاصل عليها، ما يعني انه يحاول اختيار المرشح الذي يشعر بانه سيحسن من الاوضاع الاقتصادية، على عكس ما نفكر نحن الشعوب العربية في الشرق الأوسط حيث جلّ ما يهمنا من الانتخابات الاميركية هو كيف سيتعامل الفائز مع هذه الدول وما يجري في المنطقة. واللافت أيضا في هذه الانتخابات هو "الكره" الكبير الذي تكنّه "الصحافة الأميركية" لدونالد ترامب. وفي هذا السياق يقول الصحافي في صحيفة "بوليتيكو" دانيال ليبمان لـ"النشرة" ان ترامب منع صحافيين ومراسلين من حضور مؤتمراته "وهذا ما يشكل سابقة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية وجعلنا نشعر أننا نرجع للخلف بدلا من التقدّم نحو الأمام". أما الصحافية مارغريت سوليفان من صحيفة "واشنطن بوست فتظن في حديث لـ"النشرة" أن ترامب سيقوم بالحد من القدرة على الوصول للمعلومة، وهو يريد تغيير قانون المساءلة لتقييد الصحافة، وقد وضع وسائل اعلامية على اللائحة السوداء، وهذا يشكل خطرا على حرية الصحافة في الولايات المتحدة الأميركية.
اما توم بيفان الصحافي في "ريل كلير بوليتيك" فيكشف ان الصحيفة الكبيرة الوحيدة التي تدعم ترامب هي صحيفة "لاس فيغاس" ولكن رغم ذلك هناك حوالي 50 مليون أميركي قد يقترعون لترامب، لأنها أكثر انتخابات لا يتم فيها التركيز على القضايا بل على الشخص ولم يستطع الإعلام من جهته تغيير هذا الواقع، لانه لا يستطيع إجبار المرشحين على التحدث بالقضايا، ولذلك سيقوم الأميركيون بالاقتراع حسب عاطفتهم تجاه الشخص وليس للبرنامج.
وفي دردشة مع صحافيين اميركيين حول الانتخابات الرئاسية يرى الصحافي في صحيفة "نيوروك تايمز" كريستوفر درو أن "دونالد ترامب لا يملك أجوبة واضحة حول القضايا المركزيّة، ولكنه يقول أنّ لديه خططا سريّة لا يعرفها سواه وهذا بالواقع أمر مضحك"، مشيرا الى ان النتائج كانت متقاربة في كل المرحلة التي سبقت اليوم الانتخابي.
لا يخفي مناصرو الحزب "الجمهوري" شعورهم بالهزيمة ولو قبل صدور نتائج الانتخابات، فكل الاحصاءات تشير الى فوز كلينتون ولكن لدى ترامب داعمون سريون حسبما يقول الصحافي الاميركي الأشهر بوب وودوارد، فهل تحصل المفاجأة ويتربّع ترامب على عرش الولايات المتحدة الأميركية في الانتخابات الأغرب على مر التاريخ الاميركي؟