لفتت الهيئة العليا للتبليغ الديني في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في بيان لها بعد اجتماعها بحضور رئيسها رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان ورئيس المحاكم الشرعية الجعفرية الشيخ محمد كنعان ومدير عام التبليغ الديني الشيخ عبد الحليم شرارة إلى "الضجة التي أُثيرت مؤخراً بسبب حكم قضائي صدر عن المحكمة الشرعية الجعفرية وأدى نتيجة تنفيذه عبر الدائرة القضائية المختصة إلى توقيف المحكوم عليها نتيجة تعنتها في رفض الحكم دون اللجوء إلى طرق المراجعة التي تضمن حقوق المتقاضين على أساس القانون".
وأشارت إلى "أجواء الضجة التي أُثيرت منذ أيام حول حكم شرعي صدر عن محكمة الضاحية الجنوبية الشرعية الجعفرية _ الغبيري _ واستغلال بعض وسائل الإعلام لهذه الأجواء لاستهداف الشريعة الإسلامية المقدسة والمرجعية الدينية الوطنية للطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان المتمثلة حصراً بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والمؤسسات الراعية لشؤون الطائفة الدينية والناظمة لأحوالها الشخصية بما فيها الإفتاء الجعفري والقضاء الشرعي المتمثل بالمحاكم الشرعية الجعفرية"، لافتةً إلى أن "كل ذلك في حملة حفلت بالأكاذيب والتشويه والتحريض، معتمدة في أدائها أساليب تتنافى مع القيم والسلوكيات الأخلاقية وأدبيات المجتمع اللبناني، ومثيرة في المضمون مفاهيم تتنافى مع البنية العقدية للمجتمع اللبناني التي يعبر عنها الدستور والقوانين الراعية لتطبيقه، حتى بلغت حد التجاوز الذي قد يقتضي المتابعة القضائية والملاحقة الجزائية".
وحذرت الهيئة "من تلك الإثارات المشبوهة وضرورة التعاطي معها من خلال التثبت والتحقق والبحث عن الحقيقة وعن الخلفيات الكامنة خلف هذه الأساليب اللاموضوعية واللاأخلاقية، وذلك على منهج الآية الكريمة "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"، مشددةً على "وجوب احترام الأديان وشرائعها ومن يمثلها والشريعة الإسلامية السمحاء والأحكام الناشئة عنها مطلقاً، والتي تصدر في لبنان حصراً عبر المرجعيات الوطنية المجسدة لهذه الشريعة والمطبقة لها فتوائياً وقضائياً، وجوباً يضمنه الدستور والقوانين المرعية، وتفرضه أدبيات المجتمع اللبناني المؤمن بكل تنوعاته الدينية والمذهبية وبمعظم أطره الفكرية والثقافية وإنّ أي تجاوز لهذا الإحترام هو تجاوز للدستور والقانون وقيم المجتمع اللبناني".
وأوضحت أن "القضاء الشرعي الذي من تشكيلاته المحاكم الشرعية الجعفرية هو جزء من النظام القضائي اللبناني، وإن أي تعد على هذا القضاء كأي تعد على غيره هو تعدٍ على النظام القضائي اللبناني ككل يستوجب المتابعة القضائية والملاحقة الجزائية ويلتزم القضاء الجعفري الحكم وفقاً للمذهب الجعفري وفقاً للمادة 242 من قانون المحاكم الشرعية ولا يُلزم بأي أنظمة أو قوانين اخرى"، مؤكدةً "إنها تهيب بالسلطات التنفيذية، والهيئات الإدارية التابعة لها، الراعيةِ لشأن الإعلام في لبنان أن تأخذ دورها بجدية أكبر وحزم أكثر لوضع حدٍ للفلتان الإعلامي في لبنان في إطار ما يفرضه الدستور والقوانين المرعية وقيم المجتمع اللبناني النابعة من ثقافته وسلوكياته التاريخية الأصيلة".
وأكدت "خطورة كثير من البرامج الإعلامية على بنية الأسرة اللبنانية والقيم الدينية والأخلاقية التي تبتني عليها علاقاتها وثقافتها، وبالتالي على نموها وتفاعلها فيما بينها ومع المجتمع، حتى ليشعر المراقب أن الأسرة اللبنانية عرضة للتحلل والتفكك في عملية منظمة تهدف إلى تغيير صبغتها التاريخية وحرفها عن صيغتها الحضارية"، مشيرةً إلى أن "العديد من الشخصيات التي تلبس لبوس الدين والتي تعتمد بعض الوسائل الإعلامية إبرازها لتحقيق أغراضها المريبة هي لا تمثل الجهات الدينية الوطنية عموماً، والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى خصوصاً، والطائفة الإسلامية الشيعية الكريمة والمنظومة الفقهية المعتمَدة لديها، ذلك أن هذه المنظومة تُستمدّ إما من إجماع فقهاء المذهب أو من المشهور عندهم على مستوى الفتوى، وبالتالي فإن الآراء الفردية والإستحسانات الشخصية وكذلك الآراء المبحوثة علمياً إلا أنها لم تصل من خلال البحث العلمي إلى مستوى العمل بها فتوائياً، إن جميع ذلك لا ينسب إلى المنظومة الفقهية الجعفرية انما تنحصر نسبتها إلى أصحابها ولا يمثل أصحابها الطائفة والمذهب على الصعيد الفقهي وبالتالي لا تصلح لاعتمادها نظاماً عاماً يعمل على تقنينه والقضاء بناء عليه".