ما إن انطلقت محرّكات الإنتخابات الرئاسية الأميركية حتى أعلنت وزارة الدفاع الرّوسية عن الإستعداد –خلال الساعات المقبلة- للبدء بتوجيه ضربات لمعاقل المسلّحين في حلب، عبر استخدام صواريح "كاليبير" المجنّحة، تزامنا مع الإعلان عن اقتراب حاملة الطائرات الروسية "كوزنتسوف" المصنّفة "قوّة موسكو الضّاربة" من السواحل السوريّة.. لعلّه التوقيت الأمثل الذي انتظرته موسكو ودمشق للإنطلاق بالعمليّات العسكرية الأضخم وإنجاز الحسم العسكري في أمّ المعارك حلب في ذروة انشغال واشنطن بالورشة الرّئاسية، في وقت اجمعت تقارير صحفية غربية على الإشارة الى انّ الحشود العسكرية الضخمة للقوات السورية والحليفة شمالا ستتوزّع عمليّاتها باتجاه معاقل المسلحين في شرقيّ حلب، على ان تتوجّه قوّات اخرى باتجاه مدينة الباب، أُلحقت بتقرير لصحيفة "دايلي ميل" البريطانية، لفتت فيه الى انّ الإستعدادات العسكرية السورية- الإيرانية- الروسية في الشمال السوري التي باتت غير مسبوقة، سيوازيها عمليات كبرى في محيط دمشق، مرجّحا ظهورا مفاجئا – بات وشيكا- للرئيس السوري بشار الأسد في حلب، عبر اطلالة تاريخية ستؤسّس لاستحقاقات ميدانية هامة على ابواب العام الجديد.
الصحيفة التي لفتت الى ثبات القيادة العسكرية السورية وحلفائها في مقارعة الحرب الشّرسة التي تواجهها سورية منذ اكثر من خمسة أعوام، اعتبرت انّ دمشق باتت محصّنة بنخبة المقاتلات والأساطيل البحرية وأنظمة الدّفاع الروسية في وجه اي سيناريو قد تلجأ اليه الإدارة الأميركية الجديدة ضدّ سورية، كاشفة انّ الصّين بدأت تحشد بعيدا عن الضوضاء ترسانة عسكرية ضخمة الى جانب روسيا.. وما ذكرته الصحيفة البريطانية تقاطع مع بيان للخارجيّة الروسيّة في الثالث من الجاري، حيث أعلنت انّ موسكو وبكين أبرمتا اتفاقيّة باتت تسمح بالتعاون العسكري لمكافحة الإرهاب "خارج حدود البلدين"، على وقع تأكيد وكالات أنباء دوليّة ومراسلين ميدانيين، ازدياد عدد المستشارين العسكريين الصينيين الى جانب نظرائهم الرّوس والسوريين في قاعدة طرطوس البحريّة، مع ملاحظة توافد ضبّاط ومستشارين عسكريين مصريّين الى القاعدة منذ اوائل الشهر الحالي.
وفي ذروة معارك الجيش السوري وحلفائه المستمرة بزخم في الميدان الحلبيّ، حيث أطبق بالكامل على مشروع 1070 شقة والتلال المجاورة، تبقى مدينة الباب قبلة الأنظار في ظلّ الإصرار التركي على سباق الجميع اليها.. يجزم مصدر عسكريّ سوري انّ المدينة الإستراتيجيّة لن تكون حتما لأنقرة، وانّ ما حشدته الأخيرة من اجل تلك المعركة عدّة وعديدا لا يتجاوز 145 دبابة تركيّة و4600 مقاتل من المسلّحين، في مقابل حشود للجيش السوري وحلفائه باتت اليوم اكثر من ضعفي مسلّحي انقرة ودبّاباتها، ولا يتردّد المصدر في تأكيد انّ اي محاولة مسلّحة للتوجّه الى الباب ستُواجه باستهداف النيران الجوّية السورية، على غرار واقعة قصف الطائرات السوريّة لرتل من مسلّحيها في "تلّ مضيق" كانوا يحاولون التقدّم باتجاه المدينة.. "اولويّة الجيش السوري ان ينجز عمليّة تحرير الباب قريبا جدا" –يقول المصدر- دون توضيح ما اذا كانت هذه العملية ستلي العمليات المتوقعة في حلب.. او تتزامن معها.
وفي السياق، لا بدّ من التوقّف امام اشارة روسيّة بدت لافتة في توقيتها عشيّة البيانات الهامة التي اعلنت عنها وزارة الدفاع الروسيّة الثلاثاء الماضي.. إذ أعلن المتحدّث باسم الكرملين ليل الإثنين-الثلاثاء، "انّ الرئيس الروسي يرى من المناسب حاليّا ايقاف العمليّة الجويّة الروسية في حلب"، في وقت كانت قوّات خاصة روسيّة تصل الى غرب المدينة، ليتمّ الإعلان في اليوم الثاني مباشرة عن الإستعداد للبدء بضرب مواقع المسلّحين في حلب بصواريخ " كاليبير" المجنّحة، مُرفقا بتغطية جوية روسيّة مكثّفة لوحدات الجيش السوري وحلفائه المتقدّمة على ارض حلب.. خبراء عسكريّون روس أدرجوا القرارات المتلاحقة والمتناقضة في سياق المفاجآت التي يُتقن القيصر الرّوسي اطلاقها في التوقيت المناسب الذي يُدلل على حدث عسكري هام ينوي المباشرة بتنفيذه.
اللافت انّ اعلان وزارة الدفاع الروسيّة الإستعداد –خلال الساعات القادمة- للبدء باستهداف مسلّحي حلب عبر استخدام صواريخها المجنّحة، أعقب مباشرة اتصالا وُصف ب "الهام" أجراه الدبلوماسيّ الرّوسي ميخائيل بوغدانوف، بأمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله عقب لقاء الأخير بوزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ليل الإثنين- الثلاثاء خلال زيارته الى بيروت -وفق ما كشفت معلومات صحافية ايرانية- مكتفية بالإشارة الى انّ مشهدا سوريّا جديدا ستنقشع صورته جيّدا على اعتاب العام الجديد، لتتقاطع إشارتها مع ما اعلنه نائب قائد فيلق القدس في الحرس الثّوري الايراني العميد اسماعيل قاآني منذ ايام، عبر قوله "إنّ مصير الحرب في سورية سيتحدّد خلال شهرين!".
اسابيع حاسمة في تاريخ الحرب السورية يُرجّح انها ستُفضي الى الحسم العسكري في اكثر الجبهات سخونة في الشمال والوسط السوريّين على وجه التحديد"-وفق ما نقلت صحيفة "داغسافيس" النّروجيّة عن شخصيّة أمنية مصرية صنّفتها ب" رفيعة المستوى"، لم تنف ارتباط زيارة اللواء علي مملوك الشخصيّة الأمنيّة البارزة في سورية- الى القاهرة الشهر الماضي، بتعاون عسكري بين البلدين قد يتمظهر في المرحلة المقبلة خارج الحدود المصرية في أوج الكباش السعودي-المصري.. مع اشارتها الى عدم استبعاد توجّه مسؤول مصري هام الى دمشق قريباً للقاء الرئيس بشار الأسد.