بين متابعة ما يغرده بين الحين والآخر النائب السابق فارس سعيد عبر "تويتر" ضد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وقراءة بين سطور ما يردده مسيحيو ما تبقى مما كان يعرف بتحالف "14 آذار"، لا يصعب على المتابع والقارئ إكتشاف إنكسار الجرة بشكل نهائي بين معراب وهؤلاء، كل ذلك إنطلاقاً من حسابات تتخطى إنتخابات رئاسة الجمهورية التي دعمت فيها "القوات اللبنانية" ترشيح الرئيس ميشال عون وساهمت بدخوله القصر الجمهوري رئيساً للجمهورية.
قصة القلوب المليانة بين النواب والشخصيات المسيحيّة الآذارية وقيادة "القوات"، تعود بحسب المتابعين الى زمن يسبق بكثير الإنتخابات الرئاسية ويسبق مصالحة معراب بين عون وجعجع.
"الحكيم هو الذي دقّ بابنا عشية جلسة تشريع الضرورة منذ أكثر من عام، التي إعتبر أن حضورها من قبلنا لا يؤمن الميثاقية المطلوبة ما دامت المقاطعة تشمل "القوات" والتيار "الوطني الحر" و"الكتائب"، ونحن كنا حاضرين كي نسمعه الأجوبة التي يحب"، يقول نائب مسيحي في كتلة "المستقبل"، ويضيف: "جعجع الذي فتح المعركة ضدنا وليس نحن من تهجّم على معراب، والبادي أظلم". في قراءة النائب المسيحي في الكتلة الزرقاء غضب واضح على جعجع على إعتبار أنه الحليف المفترض، الذي سمح لنفسه بأن يقيّمنا من الناحية التمثيلية، وإذا كنا نواباً عن مناطقنا بفضل طوائفنا ومذاهبنا أم أننا وصلنا بأصوات الآخرين، وليس نحن من أقدم على هذا الهجوم من دون أن نقدّر عواقبه".
في سياق العتب عينه، لا يتردد مسيحيو "14 آذار" في توجيه سلسلة من الأسئلة لرئيس "القوات"، ومنها "ألم يسأل نفسه ولو لمرة، كيف كانت له كتلة نيابية من ثمانية نواب لولا أصوات تيار "المستقبل"؟ هل نسي كيف وصل نواب زحله الثلاثة في كتلته الى الندوة البرلمانية وبأصوات أي بلدة من بلدات البقاع الأوسط؟ وماذا عن فوز النائب فادي كرم في الكورة؟ هل نسي الحكيم أصوات سُنّة الكورة وسعدنايل وكيف أن رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري لم يلجأ عند كل مفترق سياسي الى فتح هذه الملفات معه لتمنينه؟ كيف يقبل على نفسه أن يفتح النار علينا ولا يتقبّل ما يمكن أن ينتج من ردّات فعل على فعلته هذه؟"
هذه الحملة التي يشنها مسيحيو "14 آذار" ضدّ "القوات" لن تتوقف بحسب العارفين والمتابعين، وليس سببها الجلسة التشريعية أو انتخابات الرئاسة الأولى. القضية هي حساب قديم فتح بين الطرفين وجُمّد بفعل التمديدين المتتاليين لمجلس النواب، ثم أعيد فتحه اليوم مع عودة قانون الإنتخاب الى طاولة البحث، ومع عودة الحديث بجدية عن الإنتخابات النيابيّة بعد إنجاز الإستحقاق الرئاسي الذي شكل المفتاح الوحيد لصناديق الإقتراع النيابية. حساب يعود الى مرحلة تسبق التمديد لمجلس النواب. مرحلة طلب فيها جعجع من الحريري وبطريقة مباشرة لا عبر الوسطاء المعتمدين، رفع عدد كتلته النيابية في الإنتخابات المقبلة. ومن بين المقاعد التي طلبها رئيس القوات، مقعد القبيّات الماروني الذي يشغله النائب هادي حبيش، ومقعد أرثوذكسي في عكار بدلاً من النائب رياض رحال أو النائب نضال طعمة، إضافة الى مقعد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري في الكورة، وأكثر من مقعد مسيحي في دوائر بيروت، أبرزها مقاعد النواب نبيل دو فريج وباسم الشاب وعاطف مجدلاني ونايلة تويني، هذا من دون أن ننسى مطالبة القوات الحريري أيضاً بمقعد مسيحي في دائرة البقاع الغربي حيث يترشح النائبان روبير غانم وأنطوان سعد.
إذاً، القضية قضية بيوت سياسية يرفض أصحابها إقفالها، ومقاعد نيابية يضع "الحكيم" عينه عليها، خصوصاً بعد تحالفه مع التيار "الوطني الحر". تحالف ضاعف مخاوف هؤلاء من تسونامي الثنائي المسيحي وسيضاعف الحملة ضد "القوات" ورئيسها وضد التيار "الوطني الحر" ورئيسه.