على وقع الانشغال اللبناني بمتابعة تفاصيل ولادة الحكومة اللبنانية العتيدة بعد تكليف رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري تشكيلها، ومعالجة بعض العقبات بين الحصص والاسماء وتوزيع الحقائب، والهدوء الامني في المخيمات الفلسطينية وخاصة عين الحلوة، إنشغلت القوى الفلسطينية وخاصة "الفتحاوية" بثلاث ملفات، الاول انهاء اعتكاف "عصبة الانصار الاسلامية" من الخروج في مخيم عين الحلوة في اعقاب اعتقال الجيش اللبناني امير نظيم داعش في حي الطوارئ عماد ياسين بعملية أمنية نوعية، والثاني استعداد حركة "فتح" لعقد مؤتمرها السابع في 29 تشرين الثاني الجاري في رام الله، تزامنا مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والثالث احياء الذكرى الثانية عشر لرحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "ابو عمار" وسط اتساع هوة الخلاف مع التيار الاصلاحي والمخاوف من تداعياتها على المخيمات الفلسطينية في لبنان على حين غرة.
في الملف الاول، أكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة" ان جهودا حثيثة بذلتها حركتا "حماس" و"الجهاد الاسلامي"، اضافة الى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، لاسترضاء "عصبة الانصار الاسلامية" بعد اعتقال ياسين، والتراجع عن قرارها بعدم الخروج من مخيم عين الحلوة للمشاركة في اي من الاجتماعات الفلسطينية الموحدة او اللقاءات اللبنانية المشتركة، في اعقاب "احراجها" بين مؤيديها داخليا واظهارها وكأنها تغاضت عن تنفيذ العملية، ومطالبتها في الوقت نفسه ضبط الشارع الاسلامي ومنع اي ردّة فعل لذلك، حتى لا ينجر المخيم الى فتنة مع الجيش والجوار اللبناني او يقع في مستنقع اقتتال فلسطيني.
وأوضحت مصادر إسلامية لـ "النشرة"، ان العصبة أبدت عتبها على القوى اللبنانية والفلسطينية التي لم تجر حتى اتصالا بها للوقوف عند رأيها او التنسيق معها في كيفية تجاوز هذا القطوع الامني، فيما ترجم هذا الاسترضاء بلقاء جمع ممثلي العصبة الشيخين ابو طارق السعدي وابو شريف عقل، مع مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد الركن خضر حمود، بمشاركة ممثلين عن حركة "أمل وحماس والجهاد".
وأكدت المصادر ان اللقاء المشترك انتهى على اتفاق على اعادة الامور الى نصابها الطبيعي لجهة التعاون والتنسيق الفلسطيني الموحد مع الجانب اللبناني وقد سادته أجواء من الأخوة والصراحة والمسؤولية، حيث تم التأكيد على تعزيز العلاقات المشتركة وتفعيل التواصل والتنسيق للمحافظة على الأمن والاستقرار في المخيمات وجوارها، على اعتبار ان هذا التعاون الوثيق استطاع ان يفشل عددا كبيرا من المؤامرات التي كانت تهدف لإيقاع الفتنة المذهبية بين المخيمات وجوارها لتشغل الجميع عن قضية فلسطين التي يجب ان تبقى الهاجس الاكبر والهدف الاول لكل وطني صادق ولكل اسلامي ملتزم، وسط تأكيد على ضرورة تفعيل وتطوير دور القيادة السياسية الفلسطينية الموحدة واللجنة الأمنية العليا ومقاربة الوضع الفلسطيني في لبنان، بكل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والقانونية والأمنية بما يحفظ سيادة لبنان، وتوفير الحياة الكريمة للاجئين الفلسطينيين في لبنان لحين عودتهم إلى ديارهم الأصلية في فلسطين.
المؤتمر الفتحاوي
في الملف الثاني، فان حركة "فتح" في لبنان تستعد للمشاركة بالمؤتمر السابع في 29 تشرين الثاني الجاري في رام الله، تزامنا مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وسط ارباك، والسبب يعود الى كونه يعقد في ظروف بالغة الصعوبة داخليا وعلى مستوى المنطقة والعالم بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً لأميركا خلفاً لباراك أوباما، حيث يتعرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى ضغوط كبيرة ويواجه تحديات مصيرية، ناهيك تقليص عدد المشاركين فيه بعدما كان مقررا مشاركة ما يزيد عن 120 عضوا.
وأشارت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، الى ان الرئيس الفلسطيني "أبو مازن"، قرر تقليص عدد المشاركين في المؤتمر العام الى 1400 عضو بعدما كان عددهم في المؤتمر السادس يزيد عن 2350 عضوا، واستبعاد كل الموالين للعقيد محمد دحلان (المفصول من اللجنة المركزية بسبب خلافاته المستفحلة مع الرئيس عباس) وذلك لانتخاب 18 عضوا لـ"اللجنة المركزية"، اضافة الى اربعة يعينهم الرئيس الفلسطيني "ابو مازن"، ناهيك عن انتخاب 132 عضوا لـ"المجلس الثوري".
واوضحت المصادر ان تداعيات تخفيض العدد انعكس على الساحة الفلسطينية في لبنان، حيث كان يتحضر نحو 120 عضوا للمشاركة في هذا المؤتمر، وقد فوجئ أغلبهم بعدم ورود اسمائهم على لائحة المشاركين ما اثار موجة من الاستياء، سيما وان اسماء بارزة لن يكون بمقدورها المشاركة، فيما حسمت مشاركة اعضاء المجلس الثوري وهم اربعة، السفير اشرف دبور، امين سر الساحة فتحي أبو العردات، امنة جبريل وجمال قشمر، اعضاء قيادة الساحة، واعضاء قيادة اقليم الحركة.
ورغم ذلك، فقد ارتفعت بورصة الترشيحات لعضوية "المجلس الثوري" لحركة "فتح" على الساحة اللبنانية، حيث بلغت حتى الان عشرة، ابرزهم اعضاء المجلس انفسهم "السفير دبور، أبو العردات، جبريل وقشمر"، اضافة الى امين سر الاقليم رفعت شناعة، وعضوي قيادة الاقليم أمين سر اللجان الشعبية أبو ياد شعلان، ومسؤول الاتحادات الرياضية ابو أحمد زيداني.
مؤتمرات فتح
وكانت حركة فتح قد عقدت ست مؤتمرات سابقة اولها في الكويت عام 1962 تم فيه رسم أهداف العمل وخططه وثُبّت فيه الهيكل التنظيمي ووزعت فيه مهمات القيادة، وعقدت مؤتمراً آخرا في دمشق أواخر العام 1963 حيث ركزت على زيادة العضوية، وعلى تأمين الدعم العربي وغير العربي، ويشار ان الاجتماعات التي عقدت لإقرار موعد الانطلاقة أواخر 1964 على أنها المؤتمر العام الأول وفي العام 1967 وتحديدا في 12 حزيران أي بعد النكسة عقد في دمشق مؤتمر حضره 35 كادرا دعا لتواصل العمليات العسكرية وحرب العصابات باستثناء قلة من أعضاء اللجنة المركزية العليا التي تواجدت حينها بين الكويت ودمشق.
وعقدت الحركة مؤتمرها الثاني في الزبداني قرب دمشق في 1968، وتم في هذا المؤتمر انتخاب لجنة مركزية جديدة من 10 أعضاء، بينما عقدت المؤتمر العام الثالث في أوائل ايلول 1971، وتم إقرار النظام الداخلي لحركة "فتح"، الذي توضحت فيه بصورة أكبر مهمات المجلس الثوري، كما اعتمدت المركزية الديمقراطية كأسلوب حياة في التنظيم، وأقرت عضوية العرب في التنظيم لأول مرة.
وعقد المؤتمر الرابع في العاصمة السورية دمشق عام 1980، وفي شهر أب 1988عقد المؤتمر العام الخامس لحركة فتح في العاصمة التونسية، بحضور أكثر من 1000 عضو، وفيه وسعت اللجنة المركزية فيما عقد المؤتمر السادس لحركة لأول مرة على ارض الوطن في مدينة بيت لحم واستمر 12 يوماً ما بين 4 - 15 آب 2009 وتم انتخاب أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح: الرئيس محمود عباس أبو مازن، رئيسا للجنة المركزية، أبو ماهر غنيم، محمود العالول، مروان البرغوثي، ناصر القدوة، سليم الزعنون، جبريل الرجوب، توفيق الطيراوي، صائب عريقات، عثمان أبو غربية، نبيل أبو ردينة، محمد المدني، جمال محيسن، حسين الشيخ، عزام الأحمد، سلطان أبو العينين، الطيب عبد الرحيم، عباس زكي، نبيل شعث، محمد اشتيه، صخر بسيسو، زكريا الآغا ومحمد دحلان الذي تم فصله مؤخرا بعد خلافات دامية مع الرئيس ابو مازن.
ذكرى عرفات
اما الملف الثالث، فهو احياء الذكرى السنوية الثانية عشر لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات "ابو عمار"، وهو مترابط مع الملف الثاني ويشير بوضوح الى اتساع هوة الخلاف بين قيادة حركة "فتح" في لبنان وبين التيار الاصلاحي برئاسة العقيد محمود عبد الحميد عيسى "اللينو"، على خلفية قرار الرئيس الفلسطيني "أبو مازن"، تخفيض عدد المشاركين واستبعاد كل الموالين لدحلان والذي ترجم باحياء ذكرى رحيل الرئيس عرفات، في نشاطات مختلفة ابرزها في بيروت حيث نظمت قيادة "فتح" مهرجانا سياسيا في قاعة الرسالات، وفي قاعة ناجي العلي في عين الحلوة، حيث نظم التيار الاصلاحي مهرجانا مماثلا تحدث فيه "اللينو" الذي اعتبر انه لا شرعيه للمؤتمر السابع لحركة "فتح"، "وسنواجه مجتمعين ما ينتج عنه من مقررات، حفاظا على هيبة فتح وتماسكها"، قائلا "ان الآمال كانت معلقة على هذا المؤتمر والرهان ان يعيد تصويب الخلل الحاصل، وإذ بهذا المؤتمر يتحول الى عين المشكلة"، مضيفا "لقد تجاوز المُنظَمون حدود تعليب المؤتمر وتحولوا الى درجة اقصاء من يعارضهم ومن يستحق عضوية المؤتمر ولا يلائم أهواءهم ولا يجاريهم في مشروع تصفية "فتح" عبر افراغ المؤتمر من مضمونه وتغييب الكوادر التي شهدت لها ميادين النضال والمواجهة عن المشاركة في رسم سياسة فتح واختيار قيادتها"، وسأل: "اي مصلحة حركية وراء انعقاد مؤتمر مبتور؟! اي شرعية لهذا التجمع الذي فقد صفة المؤتمر وما سينتج عنه لن يعدوا كونه هرطقة لا قيمه لها"، متسائلا "اليس من حق ابناء فتح والشعب الفلسطيني معرفة من اغتال رمزهم ورئيسهم؟! ليقولوا لنا ماهي النتائج! والى اين وصلت التحقيقات؟" وأضافك "إذا كان هنالك من نتائج ويتم اخفاؤها فتلك كارثة بحجم اغتيال القائد ابو عمار".