منذ لحظة الإعلان عن نتائج الإنتخابات الرئاسية الأميركية، التي قادت إلى فوز المرشح "الجمهوري" دونالد ترامب، بدأت الأنباء عن تظاهرات إحتجاجية من قبل مؤيدي منافسته "الديمقراطية" هيلاري كلينتون، لا سيما في فلوريدا وواشنطن ونيويورك وغيرها من الولايات، لدرجة ذهب البعض إلى حد توقع أن تشهد بلاد "العم سام" إنقلاباً في الفترة المقبلة، يعيد قلب موازين القوى من جديد، في ظل خطابات ترامب التي تثير التناقضات في الولايات المتحدة، وتم الحديث في هذا الإطار عن تصويت المندوبين النهائي.
على هذا الصعيد، يتم تشبيه التحركات الحالية، التي تحصل في الشارع بـ"الثورات الملونة"، التي شهدتها في السابق جورجيا وأوكرانيا وبعض بلدان الشرق الأوسط، وتوجه أصابع الإتهام بالوقوف وراء تمويلها إلى الملياردير جورج سوروس، الذي يعتبر من أنشط المشاركين في جماعات الضغط السياسي في الولايات المتحدة، ويعرف عنه تمويله للكثير من "الثورات الملونة" في مختلف دول العالم.
في هذا السياق، يشير الصحافي في صحيفة "صدى الوطن" الأميركية الناطقة باللغة العربية علي منصور، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنه لا يتصور أن سوروس يقف خلف هذه التظاهرات، بالرغم من الإتهامات التي توجه له، ويوضح أنها خرجت بشكل عفوي، بعد إعلان النتائج مباشرة، من قبل بعض المتجمعين في مراكز الإقتراع، وهم بأغلبهم من طلاب الجامعات.
وفي حين يلفت منصور إلى إمكانية إستغلال هذه الإحتجاجات في مرحلة لاحقة، يشدد على أن هذا الأمر غير مسموح به في الولايات المتحدة، من قبل المؤسسات الأمنية والحكومية، لأنه يُعتبر حرباً على النظام القائم، ويكشف عن الإعداد لتظاهرة نسائية ضخمة في 21 كانون الثاني، أي في اليوم الثاني من تسلم الرئيس المُنتخب السلطة، لكنه يوضح أنها ليست ضد ترامب بل للتأكيد على حقوق المرأة.
من جانبه، يؤكد السفير اللبناني السابق في الولايات المتحدة رياض طبارة، في حديث لـ"النشرة"، أن هذه التظاهرات خرجت إلى الشارع بشكل عفوي، وبالتالي من الصعب الربط بينها وبين ما يسمى بـ"الثورات الملونة"، لكنه يلفت إلى أن الكلام عن "إنقلاب" يأتي من خلال السعي إلى الضغط على المندوبين من أجل تبديل وجهة نظرهم لدى التصويت النهائي.
ويشدد طبارة على أنّ هذا الأمر مستبعد في الولايات المتحدة، إن لم يكن مستحيلاً، ويضيف: "هؤلاء يعلنون لدى ترشحهم لمن سيصوتون، في الإنتخابات الرئاسية، والتبديل في الرأي يُعَدّ خيانة، وهو ممكن أن يحصل على صعيد واحد أو اثنين لا أكثر"، ويؤكد أنه في حال حصول ذلك من الممكن ذهاب ترامب إلى المحكمة الفيدرالية لتعديل النتيجة من جديد.
بالنسبة إلى منصور، هذه التحركات من الصعب تحولها إلى أعمال شغب واسعة النطاق، ويلفت إلى أن ذروتها كانت في اليوم الأول لكن بعد ذلك أصبحت أكثر هدوءاً، ويرى أن الهدف منها "عقلنة" الخطاب الجديد بعد مرحلة الحملات الإنتخابية، من أجل دفع ترامب إلى تسويات مع "الجمهوريين" و"الديمقراطيين"، ويشدد على أنها ليست بالدرجة التي قد تهدد الرئيس المُنتخب أو تجبره على الإستقالة، ويضيف: "يمكن تشبيهها بجماعات الضغط لكنها تعتمد على الشارع".
بدوره، يشير طبارة إلى أن هذه التحركات، التي يجب أن توضع في إطار الغضب على النتيجة فقط، تعكس صراعاً داخل المجتمع الأميركي لكنها لن تصل إلى مرحلة الإنقلاب، ويلفت إلى أن أحد الأهداف تعديل خطاب الرئيس المُنتخب في المرحلة اللاحقة، لكنها تشمل أيضاً إختيار فريق عمله، حيث أن هذه التحركات قد تقود إلى إختيار أشخاص مقبولين أكثر.
ويرى طبارة أن هذه التحركات تمثل إعتراضاً أيضاً على النظام الإنتخابي من قبل البعض، لا سيما أن كلينتون فازت في المجموع العام لأصوات الناخبين، لكنها خسرت بسبب هذا النظام، وبالتالي هناك من يريد أن يقول أن الأصوات الشعبية في مكان آخر.
في المحصلة، لن تقود هذه التحركات الشعبية إلى إنقلاب على الحكم، لكنها ستسعى إلى أن تكون عامل ضغط على القرارات التي قد يتخذها ترامب لدى تسلمه الفعلي للسلطة.