أمهلت وزارة الطاقة والموارد المائية والكهربائية مواطناً حفر بئراً في كفر حونة (قضاء جزين) من دون ترخيص، شهراً ونصف لتسوية مخالفته. تسوية المخالفة لا تشرعن برعاية الوزارة فحسب، بل أيضاً بمشاركة القضاء والقوى الأمنية
في صباح العاشر من الشهر الجاري، وبناءً على قرار قاضي الأمور المستعجلة في جزين شادي زرزور، الصادر قبل يوم واحد، فضّ عناصر من مخفر جزين أختام الشمع الأحمر التي كانت معلقة على البئر الإرتوازية الواقعة في العقار رقم 2332 في كفر حونة، التي حفرها ريمون عزيز في ملكه الخاص قبل عام تماماً.
زرزور استند في قراره إلى استدعاء مقدم من عزيز وكتاب موجه من "الطاقة" إلى محافظ الجنوب، يطلبان إجراء الأعمال الفنية اللازمة من قبل الوزارة في إطار نظر الأخيرة في طلب التسوية المقدم من صاحب البئر. لكن ما الذي استجدّ حتى تراجعت الوزارة عن قرارها السابق بردم البئر المخالفة الذي استند القضاء إليه لختمها بالشمع الأحمر؟
في شهر حزيران الفائت، أصدر زرزور قراراً بختم البئر بالشمع الأحمر. نقل عن عزيز أنه "حفر البئر بعد استحصاله على موافقة من المدير العام لقوى الأمن الداخلي وإجراء الكشوفات اللازمة. ظهرت المياه على عمق 80 متراً، ووصل الحفر حتى عمق 125 متراً. انتهت الأعمال وأقفلت البئر من دون استثمارها. بعد ثلاثة أشهر، تقدم عطا عبد النور بشكوى ضده أمام النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب، يتّهمه بالتسبب في جفاف بركة الري الواقعة في أرضه والمجاورة للبئر. حينها، وجّه عزيز إلى الوزارة طلب تسوية حفر بئر. فكلفت شركة APAVE بإجراء كشف ميداني على البئر والينابيع والآبار المجاورة. خلص تقرير الشركة إلى أن بئر عزيز لا تؤثر على الينابيع السطحية الموجودة في العقارات المجاورة". مع ذلك، قرر وزير الطاقة والمياه آرتور نظاريان في 8 حزيران ردم البئر وسحب المضخة والتمديدات، لأنها غير مرخصة، بناءً على شكوى وصلته من عبد النور، ما دفع عزيز إلى التقدم بطلب أمام زرزور لوقف تنفيذ قرار نظاريان. زرزور، و"باسم الشعب اللبناني" كما عنون قراره، استبدل الردم بالشمع الأحمر، بانتظار بتّ طلب التسوية، رغم إقراره بأن محكمته "ليست المرجع الصالح للنظر بمدى صحة وقانونية القرار الصادر عن الوزير أو عن المراجع الإدارية الأخرى أو البت بطلب تنفيذه وتذكيره بأن شكوى عبد النور لا تزال قائمة أمام النيابة العامة".
البئر أدت إلى
جفاف ينابيع وبرك مجاورة لها
ولأن مجلس شورى الدولة هو المرجع الصالح، تقدم عزيز بعد شهر باستدعاء ضد الدولة والوزارة، يطلب إبطال قرار نظاريان بردم بئره. الشورى قرر بالإجماع، برئاسة القاضي دعد شديد، ردّ الطلب في 26 تموز الفائت.
تحركات عزيز قابلتها تحركات مضادة لجيرانه. عطا عبد النور وجورج الحداد وجّها كتباً إلى نظاريان ومدير عام الوزارة فادي قمير ووزارة الداخلية والبلديات ومحافظ الجنوب منصور ضو، أكدا فيها أن "الينابيع في العقارات المجاورة لبئر عزيز قد جفّت كلياً، وأحواض تجميع المياه فرغت بالكامل". وضمّنا كتبهما تقريراً فنياً للخبير الجيولوجي المحلف سمير عرمان يظهر قرب المسافة الفاصلة بين البئر وحقولهما (يجب ألا تقل عن 350 متراً)، وكشفاً لجمعية الشبان المسيحية (بتكليف من وزارة البيئة) يظهر الضرر البيئي اللاحق ببعض الينابيع. أما عماد والياس الحداد فقد تقدما بشكوى إلى نظاريان، مطلع حزيران الفائت، يطلبان ردم البئر بطريقة علمية وجيولوجية مدروسة لإعادة الحال إلى الينابيع التي جفّت. المعترضون أرفقوا في مراجعاتهم صوراً توثق القساطل الممتدة من البئر "المستخدمة في جر المياه وبيعها بتغطية من رئيس البلدية سامي جريس الذي أعطى إفادة بأن عزيز يستخدم البئر للأغراض الزراعية فقط، ولا يستفاد منها لبيع المياه". نظاريان استجاب للاعتراض وقرر ردم البئر في حزيران. قبله، أصدر قمير قراراً بوقف استثمارها مطلع شباط الماضي.
قرار زرزور بوقف ردم البئر وختمها بالشمع الأحمر في 11 حزيران، أعقبه قرار لافت من نظاريان في 22 حزيران بالتريث في الردم موجه إلى محافظ الجنوب. نظاريان تنبه إلى أن صاحب البئر كان قد تقدم قبل أشهر بطلب تسوية لدى الإدارة وهو قيد الدرس. كذلك "تبين له وجود مراجعة قضائية لدى شورى الدولة بخصوص البئر"، علماً بأن الشورى صادق على قرار نظاريان بردم البئر بعد شهر واحد.