فيما يواصل الجيش العربي السوري وحلفاؤه عملياتهم العسكرية في أحياء حلب الشرقية، مُحكماً طوقه عليها، واضعاً في ذات الحين في الاعتبار الأول ضرورة تأمين سلامة السكان الذين يأخذهم الإرهابيون رهائن ودروعاً بشرية، وفيما يواصل الجيش السوري وحلفاؤه عملياتهم في مختلف المناطق، موجّهين ضربات قوية وحاسمة لجموع الإرهابيين، رغم وقف الغارات الجوية الروسية، يطرح سؤال هام: كيف سيكون الوضع الميداني في ظل استئناف موسكو لغارات طيرانها وصواريخها الاستراتيجية؟
ثمة سلسلة من الأسئلة بدأت تُطرح أمام التطورات السورية المتلاحقة، التي تؤكد على تصاعد قدرات الجيش على مواجهة مجاميع المرتزقة الإرهابيين؛ من "داعش" إلى "جبهة النصرة"، إلى تشكيلات "الإخوان" و"القاعدة" وأضرابهم الذي تلقّوا ويتلقون مختلف أشكال الدعم والتدريب من تركيا والأردن والكيان الصهيوني على الحدود السورية الشمالية والجنوبية، ومما هو أبعد من السعودية وقطر إلى ما هو أبعد وأبعد من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وغيرها من عواصم الغرب، مع توفير كامل القدرات والطاقات اللوجستية لمرتزقة الإرهاب الدولي تحت عناوين "إسلامية"، والإسلام منها براء.. كحال شبكة الاتصالات الحديثة والمرتبطة بالأقمار الصناعية الأميركية والصهيونية، والتي لا تمتلكها دول في آسيا وأفريقيا، ناهيك عن الدعم المالي الذي يوفر لهؤلاء الإرهابيين من السعودية وقطر وتجارة النفط المنهوب، والمسوَّق عبر رجب طيب أردوغان ونجله بلال.. بالإضافة طبعاً إلى الإمكانيات التسليحية الكبرى التي تمّ توفيرها من كل هؤلاء لمرتزقة الإرهاب الدولي، والإشراف على قيادة عملياتهم العسكرية، والتخطيط لها عبر غرف عمليات يشارك فيها ضباط أميركيون وغربيون وصهاينة وأعراب، مما يجعل أي فصل بين هذه التحالفات والوقائع ضرباً من الوهم.
هذا التحالف العدواني المتين تمثّل بشكله الفاضح أمام التطورات الميدانية الأخيرة، وذلك في عدة اتجاهات:
أولها: محاولة التحرّش بالأسطول الروسي، حيث طاردت مؤخراً سفن حربية روسية غواصة هولندية تعمل ضمن القوات الأطلسية، وذلك حينما حاولت القيام بمناورات خطيرة بالقرب منها، ما جعل السفن الحربية الروسية تتحرك بحسم؛ فيما يشبه الرسالة القوية ليس لامستردام، بل لمن هو وراء هذا التصرّف الأحمق، والمتمثل بـ"الناتو".
ثانيها: الدجل الغربي، خصوصاً من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لأن هناك معلومات خطيرة، وهي أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لم تدمّر المخزون الكيميائي الذي صادرته من الجيش العربي السوري بكامله، بل هرّبت قسماً كبيراً منه إلى المعارضة المسلّحة في سورية، بالتنسيق مع جهات استخباراتية دولية، وتم تسليمه إلى "داعش" و"النصرة"، مما سيفتح مجالاً واسعاً للتأكّد منها، وذلك ستكون له عواقب خطيرة تطيح بالثقة مع بعض المؤسسات الدولية.
ثالثها: ثمة محاولات تركية وخليجية وغربية لإيجاد وقائع ميدانية جديدة على الأرض السورية، كالانغماس الأردوغاني العسكري المباشر في سورية، وتذبذب مسعود البرزاني، الذي سحب "البشمركة" من بعض محاور القتال في الموصل، في محاولة لإيجاد وقائع جديدة قبل رحيل إدارة أوباما في الولايات المتحدة في 20 كانون الثاني المقبل.
بأي حال، فإن حلف دمشق باتت الأمور واضحة أمامه تماماً، حيث تم تحديد الأولويات وفق خطط عسكرية بدأت تعطي أكلها الميدانية، ومن مهامها متابعة المعركة على شتى المستويات، وصولاً إلى تحرير كل المناطق السورية من الإرهاب التكفيري الدولي.. وكما هو واضح فإن الأولوية الآن استكمال تحرير حلب، نظراً إلى ما سيترتب بعدها من إنجازات عظمى ليس على المستوى الميداني وحسب، بل على شتى المستويات؛ الاقتصادية والاجتماعية والمعنوية، والتي ستحفّز على مزيد من الانتصارات العسكرية في أكثر من مكان.
هنا قد يكون ضرورياً المتابعة الميدانية لإنجازات الجيش العربي السوري من الجنوب السوري؛ على الحدود مع فلسطين المحتلة إلى ريف دمشق وغوطتها، مروراً بكل الوسط السوري.. فلنتابع انتصارات الدولة الوطنية السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد، ففيها الخبر اليقين.