أيام مرّت على اعتصام قطاع النقل البري أمام مراكز المعاينة الميكانية للمطالبة بإعادة هذه الخدمة الى "كنف الدولة" كما كان ينبغي أن يحصل منذ سنوات، ولكن هذه الخطوة التي ما زالت مستمرة لن تكون وحيدة، فلهيئة ادارة السير نصيبها أيضا، والسبب "رخص السير البيومترية، واللوحات الذكية".
منذ حوالي شهرين أطلقت هيئة ادارة السير والاليات والمركبات في لبنان بدء العمل بإصدار رخص سير ممغنطة بيومترية كمرحلة أولى وصولا الى بقيّة المراحل، ومنها رخص سوق ولوحات ولاصق الكتروني يوضع على زجاج المركبات، اضافة لأجهزة كمبيوتر مركزية تدير جميع العمليات التابعة لهذه الخدمات، بواسطة شركة عبرت ممر المناقصة التي أجريت العام الماضي تسمى "inkript"، ويديرها السيد ه. ع.
تعمل هذه الشركة بحسب ما يكشف رئيس نقابة مكاتب السوق في لبنان حسين غندور لـ"النشرة" في مجالات الطباعة الامنية والبطاقات الذكيّة من رخص سوق وسير ولوحات بيومتريّة، ولهذه الشركة مولود يسمى "inkript cards"، وهي شركة لبنانية متخصصة في مجال البطاقات المشفّرة، وتستعمل برنامجا يسمى "advanced passenger information system (APIS)"، وهو نظام عائد لشركة "Gemalto"، ويسمح لصيانة الأجهزة عن بعد ونسخ الداتا والمعلومات ومن ضمنها المعلومات الشخصية دون عوائق، فيمكن بالتالي رصد وتعقب أي هدف بشكل سهل. ويضيف غندور: "كل هذه التفاصيل لا تعني شيئا اذا ما قورنت بتلك التي بحوزتنا عن شركة "Gemalto"، فهي تعمل في مجال الأمن الرقمي ومركزها الرئيسي يقع في امستردام هولندا ويتولى موقع نائب المدير فيها "Ari Bouzbib"، الاسرائيلي الجنسية، ويرأس مجلس ادارتها اسرائيلي أيضا يسمى "Alex Mandl"، وهو من الشخصيات الخطرة جدا في تمويل واعداد برامج عائدة لشبكات تجسّسية وأمنيّة. مع الاشارة هنا الى ان عضو تكتل "التغيير والاصلاح" زياد أسود قد اورد هذه المعلومات في تصريح له خلال العام 2014.
ويشير غندور الى ان العمل على هذا الملف استغرق وقتاً وجهدا، وهو يكشفه اليوم لوضع حدّ "لهذا الفلتان الأمني الذي يستبيح لبنان". ويضيف: "علامات استفهام عديدة رسمناها حول تورط جهات رسميّة لبنانية في هذا الملفّ، وتحديدا هيئة إدارة السير حيث قام فريق من المسؤولين في الهيئة بزيارة أمستردام أواخر الصيف الماضي لاستجلاب لوحات سيارات ورخص سوق وسير، ومكث الفريق أياما قليلة في هولندا ووقع عقود شراء وصيانة عن بعد، وعاد ليتمّ من بعدها إطلاق العمل برخصة سير وسوق بيومترية ولوحات سيارات. ويقول غندور: "ان المصادفة كانت ان حاوية وصلت الى مرفأ بيروت من هولندا وفي داخلها الالاف من لوحات السيارات قبل أسبوع واحد من إقرار المادة 154 من قانون السير في مجلس النواب في جلسته التشريعية الاخيرة وهي تتعلق بلوحات السيارات أيضا، حيث يظهر الأمر وكأنه تغطية قانونية للبدء بالمشروع"، مشيرا الى ان الاخطر من اللوحات الذكية التي وصلت من هولندا كان دخول شرائح مشفرة تُوضع ضمن الادوات الجديدة وتسمح عند تشغيلها من رصد وتعقب أي مواطن بواسطة برنامج إصلاح الأعطال عن بُعد. ويضيف: "مما زاد من تساؤلنا هو السبب الذي دفع شركة "inkript"، لطلب أخذ بصمات اليدين العشرة وبصمات العيون من ضمن اجراءات نظام اصدار رخص السوق الجديدة".
ولم يقتصر حديث غندور عن اللوحات الذكية، فالشركة الفائزة في مناقصة الميكانيك "SGS"، وهي تجمع لشركات فرنسية تسمى "Autospect-Securitest-Auto securite france"، مندمجة مع نفس الشركة التي يديرها اسرائيليون "Gemalto"، يقول غندور. ويضيف: "ان هذه الشركة تضمن عدم التلاعب بلوحات السيارات الجديدة بعد تركيبها، كما تضمن اعادة برمجة اللوحات خلال المعاينات الدورية ان تم التلاعب بها بطريقة من الطرق"، مشيرا الى ان المادة 154 تنص على معاقبة المتلاعبين باللوحات بغرامة تتراوح بين 10 و20 مليون ليرة مع امكانية السجن لمدة سنتين.
أسئلة كثيرة طرحها غندور في سياق حديثه عن مشروع اللوحات الذكية، فهذا المشروع يحمل في طياته الكثير من المخاطر التي تجعل من كل لبناني هدفا سهلا للتعقب والرصد والمتابعة، ما يعني إن صحت كل هذه المعلومات أن حربا من نوع جديد بدأت تلوح في الأفق في بلد يعاني أصلا من تدخلات المخابرات الأجنبية في كل صغيرة وكبيرة فيه.