تشبه قصّة محمد ياسين الشيخ من بعلبك قصص الخيال التي نشاهدها في الأفلام فقط والتي يصعب على من يسمعها أن يصدّقها بسهولة، هو الذي يعمل في صنع "الحجاب" ويتنقل بين الدول العربية والغربية.
يروي ياسين لـ"النشرة" أنه تلقى إتصالاً من أحدهم طلب منه الحضور الى منطقة بعلبك ليصنع "حجابا" لزوجته التي تراودها الكوابيس بإستمرار، لم يدرك يومها أن شيئاً آخر بإنتظاره. فهناك وبحسب ما يشير "كان في إنتظاره سيارتان أكد من في داخلها أنهم من فرع المعلومات ليقتادوه بعدها الى منطقة أخرى يظنّ وبحسب بعد المسافة أنها زحلة أو أبلح، لينقل بعد تعرضه لضربة على رأسه وللضرب المبرح الى الضاحية الجنوبية"، والمفارقة بحسب محمد أن "السيارتين مرّتا على أربعة حواجز أمنيّة دون أن يتم تفتيشهما في وقت كان هو في داخل واحدة منهما يحاول الإيماء لمن في الخارج ليتنبه لما يحدث معه ويخلصه".
معتقل أمني!
وصلت المجموعة التي اعتقلت محمد ياسين الى مكان ما، أشبه "بالمعتقل" فاقداً للوعي بسبب الضرب المبرح واستفاق على كرات الثلج على وجهه وعلى حقن تخزّ جسده لم يدرك ما هي، في تلك اللحظة لم يصدّق محمد ما رأى وتساءل: "هل هذا موجود فعلاً في لبنان؟" ويلفت الى أن "من اعتقلوه وضعوه في غرفة مساحتها متر ونصف بمتر ونصف في أعلاها يوجد نوع من "الشفاط" يصدر أصواتاً تكاد تفقد الإنسان صوابه وفيها مضطر المرء للنوم جالساً"، ويشير الى أنه "وبعد مرور ثلاثة أيام من الإعتقال استدعوني الى جلسة التحقيق الأولى وفي الجلسة الثانية أبلغوني أنهم جهاز أمني تابع لـ"حزب الله" وبدأوا يسألونني عن المبالغ التي تصلني من الخارج وأنا كنت أجاوب دائما بأن عملي معروف وأن هذه المبالغ تصلني نتيجة لأحجبة أصنعها".
أساليب تعذيب مختلفة!
"كثيرة هي أساليب التعذيب التي استعملت في ذاك المكان لدرجة أن الحيوان لا يصمد فيه لأكثر من أيام فكيف بالأحرى الانسان". هذا ما يؤكده محمد ياسين، لافتاً الى أنه "وعلى مدى 76 يوماً من الاعتقال كانوا يحرقون جسدي بالسجائر وهذا ليس كل شيء فقد وصل بهم الأمر الى حدّ أن اقتلعوا لي أسناني بآلة حادة وحتى دون وضع البنج"، ويضيف: "الأصوات التي يضعونها في تلك الزنزانة تدفع بمن يسمعها الى ضرب رأسه بجدران ذلك المكان حتى يغمى عليه ولا يسمعها". ويحمدالله أنه "نزف دماً من أذنيه ثلاث مرّات والا لكان أصيب بإنفجار في الدماغ".
وفي إحدى المرّات حضر الى الغرفة، بحسب محمد ياسين، رجل عرّف عن نفسه أنه "قاض أبلغني أنهم وفي المحكمة الشرعية التي لديهم يريدون حكمه من خمسة الى عشر سنوات ولكن إذا تعاون مع التحقيق وأبلغهم بالحقيقة حول ما اذا كان عميلا اسرائيلياً أو ما شابه فإنهم سيخفّفون الحكم"، هنا يشير محمد ياسين الى أن إجابته كانت بأنه "هو من قتل عماد مغنية ورفيق الحريري وكل الرؤساء ولكن ارحموني فإما خلصوني أو اقتلوني".
وحدة "900"
وفي المسار القضائي تحدّث شقيق محمد ياسين أحمد ياسين أنه "وبعد خطف شقيقه توجّهت العائلة بدعوى قضائية حسب الأصول عن إحتمال خطف الى المخفر"، مشيرا الى أن "فرع المعلومات هو من عثر على السيارة في جرود بعلبك، وبعد سبعة عشر يوماً حضر إلينا وسيط يقول أنه من "حزب الله" أحضر لي مفاتيح سيارتي وأبلغني أن أخي بخير فما كان مني إلا أن بدأت التهديد بأن أخرج لأتحدث الى الإعلام إذا لم يفرجوا عنه"، لافتاً الى أن "المفاوضات إستغرقت 76 يوماً التقيت خلالها كبار المشايخ في "حزب الله" ومنهم محمد يزبك ومحمد ياغي وأبلغوني أن الوحدة التي خطفت أخي تسمى وحدة "900" في "حزب الله" ولا يمكنهم فعل أي شيء أو التدخل"، ومضيفاً: "هذه الوحدة هي التي كان يرأسها الحاج الملقّب بـ"ذو الفقار" والذي قضى بسوريا وهي تشبه الجهاز المخابراتي السوري أيام الوصاية".
اتصالات مشبوهة
يشير أحمد ياسين لـ"النشرة" الى أنه "وقبل أسبوع من الإفراج عن شقيقه اتصل بوسائل الإعلام ليتحدّث عن عملية الخطف تلك، فما كان من الوسيط بين "حزب الله" وبيننا إلا أن حضر وأبلغني أنه يحمل كلاماً رسمياً من الحزب بأن أخي سيخرج في غضون أسبوع شرط ألاّ أتحدث بالمسألة، هنا تعرّضت لضغوط من العائلة وأوقفت كلّ شيء"، لافتاً الى أن "الوسيط صدق في وعده وبعد أسبوع اصطحب أخي وأبي الى الضاحية الجنوبية ونقلوهما من مكان الى آخر حتى وصلا الى حيث شقيقي معتقل"، لافتاً الى أن "والده وهو من "حزب الله" سأل الموجودين عن سبب إعتقالهم لإبنه فكان جوابهم صاعقاً بأنهم اشتبهوا بالأموال التي كانت تصله وبأنه توجه الى السفارة الاميركيّة، وغيرها من الأماكن ولكن تبيّن في النهاية أنه بريء".
يؤكد أحمد أنه "لا يدّعي على أي جهة سياسية بل على أشخاص اساؤوا استخدام السلطة والتي هي في الاساس غير شرعيّة تنتمي الى فرع أمني"، مطالباً "القضاء وقيادتهم بتوقيفهم ومحاسبتهم".
في المختصر هذه واحدة من القصص الغريبة التي نسمعها في لبنان ووحدها الأيام والقضاء قد تتمكن من إثبات صحتها من عدمه!