يعاني ع. البالغ من العمر 44 سنة من الإكتئاب، ومنذ عدّة أسابيع بدأ يشعر بتعب شديد وإرهاق، وزادت مشاكل التركيز عنده يوماً بعد يوم ولم يعد باستطاعته إتخّاذ القرارات المناسبة في عمله كمدير في المعمل الذي يعمل به. يشعر ع. بالحزن والتعاسة كلّ الوقت وفقد الكثير من وزنه، وكلامه أمسى بطيئا ورتيبا، وأصابه الجمود. كل هذه المشاكل دفعت ع. لمحاولة الانتحار منذ عدّة سنوات عبر تناول كميّة كبيرة من الادوية بعد ان كان والده قد شنق نفسه وتوفي.
يصاب بمرض الاكتئاب 15 الى 25 بالمئة من النّساء، امّا عند الرجال فتتراوح النّسبة بين 1 و15 بالمئة، والإكتئاب هو احد اكثر أنواع الاضطرابات شيوعاً، ويعرف بالشّعور بوعكة او حزن شديد، إحباط، الشّعور بالرّفض من قبل الآخرين وبالعجز عن مواجهة مشاكل الحياة. اما حسب تعريف المعهد الاميركي للصّحة العقليّة فإنّ الإكتئاب عبارة عن "خلل في سائر الجسم يشمل الجسم والافكار والمزاج ويؤثّر على نظرة الإنسان لنفسه ولما حوله من اشخاص وما يحدث من أحداث بحيث يفقد المريض إتزانه الجسدي والنّفسي والعاطفي".
أسباب الاكتئاب وعوارضه
من الممكن ان يكون بعض الافراد معرّضين للاصابة بمرض "الاكتئاب" من ناحية بيولوجيّة بينما غيرهم يصابون بالإكتئاب جرّاء عوامل بيئيّة او نفسيّة او احياناً الإثنان معاً.
وبالنسّبة للسّبب البيولوجي، فهو بسبب عدم حدوث توازن في تركيز الموصلات العصبيّة في الدّماغ، التعرّض لمشاكل وضغوطات كبيرة، الإصابة بالامراض الخطيرة، الإدمان على الكحول او المخدّرات، العوامل الوراثيّة حيث عادة ما يكون هناك احد من افراد العائلة او الاقرباء قد أصيبوا بالإكتئاب سابقاً، والتعرّض لصدمةٍ ما كخسارة احد المقربّين، أو إنفصال عاطفي.
امّا بالنّسبة لاعراض مرض الإكتئاب والتي يجب التنبه اليها، فهي مزاج مكتئب، إنعدام الإهتمام او الرّغبة بممارسة ايّ نشاط يوميّ، إضطراب في الشهيّة او في الوزن (إكتساب او خسارة الوزن)، فقدان الطاقة والشعور بالإرهاق، إضطراب في النّوم (النّوم المفرط او ارق)، ردود فعل بطيئة ومحبطة، الشّعور بالذّنب وانّه عديم الفائدة، صعوبة في التركيز وإتخاذ القرارات، أفكار عن الموت او الإنتحار، فقدان الاهتمام بالعمل، اللجّوء الى الإنطواء على الذّات بهدف تجنّب العائلة والاصدقاء، قابليّة البكاء بسهولة، الهلوسة احياناً، قناعات غير منطقيّة، وآلام جسديّة (آلام في المفاصل، الصّداع، آلام في البطن).
طريقة العلاج
من الضّروري التنّبه للاعراض المذكورة اعلاه بهدف تجنّب حدوث ايّ كارثة، خاصّة إذا كان المريض يفكّر بالإنتحار. وتتمّ المعالجة عن طريق الادوية المضادّة للإكتئاب التي تعطى من قبل الطّبيب المختصّ، وعن طريق العلاج النّفسي الّذي يساعد المريض على تخطّي مرحلة الإكتئاب والتخّلص من الافكار التّعيسة والمحبطة التّي تسيطر عليه كي يتمكّن من التّأقلم في حياته الإجتماعيّة، العمليّة، والعاطفيّة.
اضافة للعلاج النّفسي، تلعب عائلة المريض دورًا مهمًّا في علاجه، إذ انّها سوف تقدّم له الدّعم المطلوب والمساعدة ليشعر انّه إنسان ذو قيمة ومرغوب في البيئة التي يتواجد فيها، كذلك من المهمّ جداً متابعة العلاج كما هو مطلوب من قبل الاخصائيّين حتّى لا ينتكس المريض من جديد.