لم يعد جديداً فقدان الجامعة اللبنانية في كل فروعها صفة الوطنية بسبب هيمنة بعض الأحزاب على المجالس الطلابية في بعض الكليات في ظل غياب الانتخابات الطلابية منذ سنوات. وباتت الاشكالات في كليات الجامعة شبه اسبوعية بسبب فقدان تعددية الآراء فيها.
وفي جديد هذه الاشكالات، مُنعت عائلة الشاب محمد حمادة، الذي كان قد توفى في 23 تشرين الأول بحادث سير، من وضع أغاني السيدة فيروز، التي كان يحبها الفقيد، خلال اقامة ذكرى ميلاده في باحة الكلية، وذلك من قبل التعبئة التربوية في حزب الله.
وفي التفاصيل، تروي روان كرنيب، احدى صديقات حمادة، أنه "في 31 تشرين الثاني رغبنا انا وأصدقاء محمد باقامة عيد ميلاده في الجامعة بنشاط يشبهه ويحبه هو فقررنا وضع اغاني السيدة فيروز التي يحبها واغاني الثورة وبالونات عليها صورته لمدة ربع ساعة فقط".
وإذ تلفت كرنيب إلى "اننا اخذنا اذن مدير كلية الهندسة"، تضيف "اعلمنا مجلس طلاب الفرع بالموضوع الا انه اعترض على الموضوع بحجة ان بعض الناس لا تسمع الاغاني لذا قررنا تدارك الموضوع وقلنا لهم اننا لن نرفع الصوت ومن لا يريد سماع الاغاني يمكنه مغادرة مكان الاحتفال لمدة عشر دقائق فقط علماً أن صوت الاغاني لن يكون مرتفعاً".
ولعدم مضايقة أحد، قرر الاصدقاء اقامة النشاط في الصباح الباكر، فوصلوا عند السادسة والنصف صباحاً للتحضير فتفاجؤوا بتواجد أكثر من 30 شاباً من التعبئة التربوية في حزب الله. توضح كرنيب أنه "حينما أحضرنا مكبرات الصوت اقترب طلاب التعبئة وقالوا لنا "أغاني هون ما رح ينحط" وبعد نقاش طويل معهم ورغم تواجد أم محمد التي رغبت بالمشاركة في النشاط الذي يحب، ظلت التعبئة على موقفها".
وتابعت كرنيب "عند وصول الأم تحدثنا مع مسؤول التعبئة بهدف "كسر الشر" الا ان رفض وضع الاغاني بقي سيد الموقف رغم ان طلبنا كان وضع الاغاني لمدة عشر دقائق فقط"، لافتة إلى أنه "بغض النظر ان التعبئة لم تحترم قرار المدير وحق الطلاب باقامة نشاط ضمن اطار القانون، فإنها لم تحترم ذكرى ميلاد محمد ولا أم محمد التي احترق قلبها لما حصل"، ومنعت التعبئة التربوية العائلة من وضع الأغاني خلال النشاط.
من جانبها، تروي مصادر "التعبئة التربوية في حزب الله" في الكلية عبر "النشرة"، حكاية مختلفة لما حصل، وتلفت إلى أنه "حسب قوانين الجامعة فإن أي نادٍ أو حزب يريد القيام بأي نشاط عليه اخذ اذن مجلس طلاب الفرع لكن أصدقاء المرحوم محمد حمادة أخذوا اذن مدير الكلية وأعطونا خبراً فقط دون النقاش معنا، فتحدثنا مع مدير الكلية وأعربنا عن رفضنا لذلك، وبعد نقاش طويل مع المدير توصلنا إلى حل بأن يحصل النشاط في القاعة الزجاجية في الكلية وليس في الباحة كي لا يتم ازعاج احد فوافق المدير على طلبنا خصوصا وان ذكرى ميلاد حمادة تتزامن مع ذكرى وفاة النبي محمد".
وتشير المصادر إلى "اننا تفاجأنا في الليلة التي سبقت النشاط بان أصدقاء محمد رفضوا ذلك واتفقوا مع المدير بأن يكون النشاط في الباحة وفي اليوم التالي جئنا باكراً لنعارض هذا النشاط باللسان فقط لأن بعض الطلاب لا يسمعون الأغاني خصوصاً وأن الأصدقاء لم يلتزموا بالاتفاق"، لافتة إلى "اننا طلبنا منهم فقط وضع مكبرات الصوت قرب القاعة الزجاجية الا انهم رفضوا ذلك فتحدثنا مع العميد الذي اتصل بأمن الجامعة التي قامت بدورها بمنع النشاط وبالتالي لسنا نحن من قمع النشاط".
في المحصلة، تبقى الحياة الجامعية في حياة كل انسان هي الفترة التي تعكس شبابه حيث يتلقف أول معاني الحريات والتعبير عن الرأي. الا انه في ظل الوضع القائم في كليات الجامعة اللبنانية، على الطالب ان يعي ان ما ينتظره في الجامعة هو أقل بكثير من الحريات المتاحة له في خارجها.